هذه الحالات كانت تفصيلا لما سيحدث للأرض حين ينشق القمر، والإشارة إلى ذلك تبدو واضحة وميسرة للفهم حيث أنه تعالى وصف انشقاق القمر ب (النُّذُرُ) ونفس الوصف أطلق على كل حالات الأقوام المذكورة في السورة حيث عقب على كل حالة قوم بقوله (فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ). وقوله تعالى في الآية الرابعة: وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ)، الضمير المتصل في (جَاءَهُمْ) يعود على من سينشق القمر في عصرهم، والأنباء هي أنباء قصص الأقوام التي ذكرت بعد ذلك (قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط).
والله تعالى جعل في هذه الدنيا لكل شيء سببا، فقد ينشق القمر بسبب من الأسباب كأن يسقط عليه نيزك عظيم يشقه نصفين، والنيازك أجسام من نجم من النجوم المنفجرة، فقد يهوي بقايا نجم (نيزك) على القمر فيشقه نصفين، ولقد جاءت سورة القمر في المصحف ترتيبا بعد سورة النجم التي ابتدأت بقوله تعالى (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى).
سقوط بقايا نجم على سطح القمر لن يتسبب في انشقاق القمر إلا إذا كان نجما ثاقبا يخترق قطره. وسورة القمر نزلت بعد سورة الطارق النجم الثاقب.
أليس في هذه الأدلة الميسرة للذكر والمرتبة ترتيبا محكما بيان لحقيقة إنشقاق القمر!!
بلى، فالعلم والبيان مبنيان على التيسير، لو لم ييسر الله القرآن لتعسر علينا علمه وبيانه لكنه تعالى رحمان يسر القرآن لنعلم آياته وبيانها، فكان من الحكمة أن تأتي بعد سورة القمر سورة تثبت هذه الحقيقة يقول الله فيها:
الرَّحْمَنُ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ، عَلَّمَهُ الْبَيَانَ.
إذن فآيات القرآن وسوره أحكم ترتيبها تنزيلا وأحكم ترتيبها في المصحف، فسورة الرحمن موضعها الترتيبي في المصحف ينبغي أن يكون بعد سورة القمر لعلاقة مطلعها بما تيسر من علم وبيان لسورة القمر، وترتيب نزولها ينبغي أن يكون بعد سورة الرعد التي قال الله في ختامها: وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ. فالشهادة لرسول الله عليه الصلاة والسلام بالرسالة تتطلب علم القرآن وبيانه،، فأنزل الله بعدها: الرَّحْمَنُ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ، عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ...
ودمتم بخير
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[08 Feb 2009, 12:54 م]ـ
كذلك الرواية لا تفيد إلا الظن، والظن ليس علما، فقد قال تعالى: مالهم به من علم إلا اتباع الظن)، لا يقال عن ذلك الرجل قبل أن يدخل بيته إنه علم بما حدث في بيته، أما بعد دخوله وإدراكه للحقيقة بالأدلة التي تيسر وجودها فقدأصبح على علم، ذلك هو اليقين.
ترجيحنا لأحد الخبرين حتى وإن صح فهو لا يفيد إلا الظن
كلام غير دقيق ولا مفيد للعلم
كيف يقال بأن الأحاديث الصحيحة الثابتة المؤيدة بإجماع أهل العلم لا تفيد اليقين؟!!
سبحان الله! ما هذه الجرأة العجيبة على إصدار مثل هذه الأحكام!
ثم يا أخي أبا علي!
هل تظن أن ما ذكرته من خواطر يمكن تقديمها على صريح الآيات والأحاديث الصحيحة؟
أرجو أن تعيد النظر في طريقة تعاملك مع النصوص.
ثم إن القول الذي نقلته [وَقَالَ قَوْم: لَمْ يَقَع اِنْشِقَاق الْقَمَر بَعْد وَهُوَ مُنْتَظَر ; أَيْ اِقْتَرَبَ قِيَام السَّاعَة وَانْشِقَاق الْقَمَر ; وَأَنَّ السَّاعَة إِذَا قَامَتْ اِنْشَقَّتْ السَّمَاء بِمَا فِيهَا مِنْ الْقَمَر وَغَيْره. وَكَذَا قَالَ الْقُشَيْرِيّ.] جدير بأن يضاف إلى الأقوال الباطلة المردودة.
جاء في تفسير فتح القدير للشوكاني: (والمراد الانشقاق الواقع في أيام النبوّة معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى هذا ذهب الجمهور من السلف والخلف. قال الواحدي: وجماعة المفسرين على هذا إلاّ ما روى عثمان بن عطاء عن أبيه أنه قال: المعنى: سينشقّ القمر، والعلماء كلهم على خلافه. قال: وإنما ذكر اقتراب الساعة مع انشقاق القمر؛ لأن انشقاقه من علامات نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم، ونبوّته وزمانه من أشراط اقتراب الساعة. قال ابن كيسان: في الكلام تقديم وتأخير، أي: انشقّ القمر، واقتربت الساعة. وحكى القرطبي عن الحسن مثل قول عطاء أنه الانشقاق الكائن يوم القيامة. وقيل: معنى {وانشقّ القمر}: وضح الأمر وظهر، والعرب تضرب بالقمر المثل فيما وضح، وقيل: انشقاق القمر هو انشقاق الظلمة عنه، وطلوعه في أثنائها، كما يسمى الصبح فلقاً لانفلاق الظلمة عنه.
قال ابن كثير: قد كان الانشقاق في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما ثبت ذلك في الأحاديث المتواترة بالأسانيد الصحيحة. قال: وهذا أمر متفق عليه بين العلماء أن انشقاق القمر قد وقع في زمان النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه كان إحدى المعجزات الباهرات.
قال الزجاج: زعم قوم عندوا عن القصد وما عليه أهل العلم أن تأويله أن القمر ينشقّ يوم القيامة. والأمر بين في اللفظ، وإجماع أهل العلم، لأن قوله: {وَإِن يَرَوْاْ ءايَةً يُعْرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ} يدلّ على أن هذا كان في الدنيا لا في القيامة. انتهى.
ولم يأت من خالف الجمهور، وقال إن الانشقاق سيكون يوم القيامة إلاّ بمجرد استبعاد، فقال: لأنه لو انشق في زمن النبوّة لم يبق أحد إلاّ رآه؛ لأنه آية والناس في الآيات سواء. ويجاب عنه بأنه لا يلزم أن يراه كل أحد لا عقلاً، ولا شرعاً، ولا عادة، ومع هذا، فقد نقل إلينا بطريق التواتر، وهذا بمجرده يدفع الاستبعاد، ويضرب به في وجه قائله.) انتهى من فتح القدير
ودمت بخير وعافية،،،
¥