وقد زعم بعض من يدعي التأويل ويستعمل رأيه فيه، ويقتصر على ذلك ويترك ذكر ما كان عليه من قبله فيه من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن تابعيهم أنه لم ينشق وأنه إنما ينشق يوم القيامة، وأن معنى قول الله تعالى: وانشق القمر إنما هو على صلة قد ذكرت بعد ذلك في السورة المذكور ذلك فيها، وهي قوله تعالى: "يوم يدع الداع إلى شيء نكر" أي فينشق القمر حينئذ، وجعل ذلك من الأشياء التي تكون في القيامة، وذكر بجهله أن ذلك لم يروه أنه قد كان إلا ابن مسعود، وأن ذلك لو كان مما قد مضى كما روي عنه لتساوى فيه الناس ولم يحتج إلى إضافته إلى واحد منهم دون من سواه؛ فكفى بذلك جهلا إذ كان ما أضافه إلى انفراد ابن مسعود به قد شركه فيه خمسة سواه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرناهم في الآثار التي رويناها في أول هذا الباب.
وأما ما ذكره من أن قول الله تعالى: "وانشق القمر" إنما يرجع إلى ما ذكر أنه صلة له مما ذكرناه عنه من السورة المذكور ذلك فيها، فإن في قول الله تعالى: "وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر" دليلا على خلاف ما قاله فيها، ودليلا على أن ذلك لم يعن به يوم القيامة؛ لأن الآيات إنما تكون في الدنيا قبل القيامة، كما قال الله وتعالى: "وما نرسل بالآيات إلا تخويفا " وفي قوله تعالى: "فتول عنهم": أي فأعرض عنهم كما قال تعالى: "فتول عنهم حتى حين"، وكما قال: "فتول عنهم فما أنت بملوم" دليل على تمام ما ذكره قبل ذلك، واستقبال غيره وهو قوله: "يوم يدع الداع إلى شيء نكر" ما هو ظرف لما ذكره بعده من خروجهم من الأجداث كأنهم جراد منتشر، وانتفى أن يكون ذلك صلة؛ لما قد انقطع من الكلام الذي قد تقدمه.
ثم قال هذا الشاذ: وقد يحتمل قول ابن مسعود يعني الذي حكاه هذا الشاذ عنه، وهو أنه ذكر عنه أنه قال: وقد يحتمل قول ابن مسعود: «كأني أنظر إليه فلقتين وحراء بينهما» أي كأني أراه إذا انشق كذلك فكان كلامه هذا فاسدا؛ لأنه قد نفى انشقاقه في زمن ابن مسعود وذكر أن انشقاقه يكون بعد ذلك فإن كان كما قال فقد يجوز أن لا يراه ابن مسعود حينئذ. قال: وقد يجوز أن يراه حيث قال: ويجوز أن يراه في غير ذلك المكان، وقد زعم هذا الشاذ أن ذلك إنما يكون في القيامة لا في الدنيا، وحراء يومئذ جبل من الجبال التي قال الله تعالى خبرا عما يكون منه فيها يومئذ: "ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا، فيذرها .. "الآية، وقال: "ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة" وقال: "وتكون الجبال كالعهن المنفوش"؛ فكيف يكون حراء يومئذ بين فلقتي القمر؟
ونعوذ بالله من خلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والخروج عن مذاهبهم، فإن ذلك كالاستكبار عن كتاب الله ومن استكبر عن كتاب الله، وعن مذاهب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتابعيهم فيه كان حريا أن يمنعه الله فهمه كما حدثنا ابن أبي عمران، حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول في قول الله تعالى: "سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق" قال: «أمنعهم فهم كتابي».) انتهى من شرح مشكل الآثار للطحاوي، وهو كلام نفيس، وقد ذكر ابن قتيبة كلاما قريباً منه في تأويل مختلف الحديث.
ـ[ناصر المطيري]ــــــــ[10 Feb 2009, 12:05 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من ذلك ماقاله العلامة ابن سعدي رحمه الله في قوله تعالى الآيه الاعراف172
وقد قيل إن هذا يوم اخذ الله الميثاق على ذرية آدم حين استخرجهم من ظهره وأشهدهم على انفسهم فشهدوا بذلك فاحتج عليهم بما أمرهم به في ذلك الوقت على ظلمهم في كفرهم وعنادهم في الدنيا والآخرة
ولكن ليس في الآية ما يدل على هذا ولا له مناسبة ولا تقتضيه حكمة الله تعالى والواقع شاهد بذلك فإن هذا العهد والميثاق الذي ذكروا أنه حين اخرج الله ذرية آدم من ظهره حين كانوا في علم كالذر لايذكره احد ولا يخطر ببال آدمي فكيف يحتج الله عليهم بأمر ليس عندهم به خبر ولا له عين ولا اثر.
ـ[مها]ــــــــ[11 Feb 2009, 02:28 ص]ـ
وجزى الله ابا مجاهد خيرا
ولعله يتفضل بترتيبها وجمعها في ملف واحد
السلسلة مجموعة في ملف - نفع الله بصاحبها وبكم أجمعين - علما بأني اقتصرت على نقولات د. محمد القحطاني.
¥