تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أكبادهم لا يحنون رؤوسهم إلا للمطرقة ولا يسلمون للحق إلا وسيف القوة مصلت على رقابهم وما كان هذا التعريف بهذا الصنف من الخلق ليقصر على الجماعة المسلمة الأولى في المدينة فالقرآن هو كتاب هذه الأمة ما عاشت فإذا استفتته عن أعدائها أفتاها وإذا استنصحته في أمرهم نصح لها ; وإذا استرشدت به أرشدها وقد أفتاها ونصح لها وأرشدها في شأن يهود فدانت لها رقابهم ثم لما اتخذته مهجورا دانت هي لليهود كما رأيناها تتجمع فتغلبها منهم الشر ذمة الصغيرة وهي غافلة عن كتابها القرآن شاردة عن هدية ملقية به وراءها ظهريا متبعة قول فلان وفلان وستبقى كذلك غارقة في كيد يهود وقهر يهود حتى تثوب إلى القرآن ولا يترك السياق الموقف مع اليهود حتى ينصف القليل المؤمن منهم ; ويقرر حسن جزائهم وهو يضمهم إلى موكب الإيمان العريق ويشهد لهم بالعلم والإيمان ويقرر أن الذي هداهم إلى التصديق بالدين كله ما أنزل إلى الرسول ص وما أنزل من قبله هو الرسوخ في العلم وهو الإيمان لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيمًا فالعلم الراسخ والإيمان المنير كلاهما يقود أهله إلى الإيمان بالدين كله كلاهما يقود إلى توحيد الدين الذي جاء من عند الله الواحد وذكر العلم الراسخ بوصفه طريقا إلى المعرفة الصحيحة كالإيمان الذي يفتح القلب للنور لفتة من اللفتات القرآنية التي تصور واقع الحال التي كانت يومذاك ; كما تصور واقع النفس البشرية في كل حين فالعلم السطحي كالكفر الجاحد هما اللذان يحولان بين القلب وبين المعرفة الصحيحة ونحن نشهد هذا في كل زمان فالذين يتعمقون في العلم ويأخذون منه بنصيب حقيقي يجدون أنفسهم أمام دلائل الإيمان الكونية ; أو على الأقل أمام علامات استفهام كونية كثيرة لا يجيب عليها إلا الاعتقاد بأن لهذا الكون إلها واحدا مسيطرا مدبرا متصرفا وذا إرادة واحدة وضعت ذلك الناموس الواحد وكذلك الذين تتشوق قلوبهم للهدى المؤمنون يفتح الله عليهم وتتصل أرواحهم بالهدى أما الذين يتناوشون المعلومات ويحسبون أنفسهم علماء فهم الذين تحول قشور العلم بينهم وبين إدراك دلائل الإيمان أو لا تبرز لهم بسبب علمهم الناقص السطحي علامات الاستفهام وشأنهم شأن من لا تهفو قلوبهم للهدى ولا تشتاق وكلاهما هو الذي لا يجد في نفسه حاجة للبحث عن طمأنينة الإيمان أو يجعل التدين عصبية جاهلية فيفرق بين الأديان الصحيحة التي جاءت من عند ديان واحد على أيدي موكب واحد متصل من الرسل صلوات الله عليهم أجمعين وقد ورد في التفسير المأثور أن هذه الإشارة القرآنية تعني أول من تعني أولئك النفر من اليهود الذين استجابوا للرسول ص وذكرنا أسماءهم من قبل ولكن النص عام ينطبق على كل من يهتدي منهم لهذا الدين يقوده العلم الراسخ أو الإيمان البصير ويضم السياق القرآني هؤلاء وهؤلاء إلى موكب المؤمنين الذين تعينهم صفاتهم والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر وهي صفات المسلمين التي تميزهم إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والإيمان بالله واليوم الآخر وجزاء الجميع ما يقرره الله لهم أولئك سنؤتيهم أجرا عظيمًا ونلاحظ أن المقيمين الصلاة تأخذ إعرابا غير سائر ما عطفت عليه وقد يكون ذلك لإبراز قيمة إقامة الصلاة في هذا الموضع على معنى وأخص المقيمين الصلاة ولها نظائر في الأساليب العربية وفي القرآن الكريم لإبراز معنى خاص في السياق له مناسبة خاصة وهي هكذا في سائر المصاحف وإن كانت قد وردت مرفوعة والمقيمون الصلاة في مصحف عبدالله بن مسعود.

الدرس الرابع: حكمة الله من إرسال الرسل وذكر بعضهم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير