أتوني زبر الحديد .... وهنا نفهم أن هذا العالم يعتمد على عنصر (الحديد) .. وهو العنصر التي أشارت إليه الآيات والمؤتى لنبي بعينه إسمه (داوود) .. ( .. وآتينا داوود زبورا) .... و ( ..... وألنا له الحديد)
وساوى بين الصدفين .. أي الطرفين .. ولذلك للوصول إلى (الشكل الدائري) ... قال انفخوا فيه .... دلالة (التدوير) ... حتى إذا جعله ناراً .... دلالة على شدة التدوير .... قال أتوني أفرغ عليه قطرا ..... إضافة القطر (السائل) للتدوير .. يولد الطاقة ... وسيولة القطر لداوود كان من الله .. ( .... وأسلنا له القطر.)
عنصرا (التدوير) .. (الماء أو العنصر السائل) ... أساسيان لا يمكن الإستغناء عن أحدهما في توليد أي طاقة ... البخارية .. الكهربائية ... الشمسية ... الفكرية ..... الخ
وبعد إنتهاء داوود من تفعيل الطاقة التي تحكم هذا العالم وتحكم حدوده .. كان هذا الوصف للعالمين المتباينان في (الأرض) .. الأول (عليها) ويحكمه الزمن ... والآخر (فيها) ولا زمن فيه ..
فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا
بعد هذا الإحكام ... فمن هو في عالم القبر لا يستطيع أن (يظهر) لعالم الحياة الدنيا ... وهنا دلالة على سفلية هذا العالم ... ومن هو في الحياة الدنيا لا يستطيع التواصل مع عالم القبر ... لو إستمر في التنقيب والحفر إلى ما شاء من الوقت ... وهنا نلمح أن آلية التواصل بعالم القبر (المستحيل) .. هي التنقيب أو الحفر
قال تعالى: .. (قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا) ..
معلومة تفيد أن عالم القبر هو في مجمله أقرب للتطهير من مظالم الناس .. وما تؤول إليه شفاعة الأنبياء المأذون لهم .. لذلك كان (رحمة من ربي) .. أما وعد الله ... فمعلوم أنه عند نفخة الصور الأولى .. وعندها يكون الإنتهاء من هذا العالم .. وهذا ما تعنيه الآية ( .. جعله دكا .. وكان وعد ربي حقا) ..
ويأتي قوله تعالى ... (وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضًا) ... ليؤكد لكل ذي بصيرة ... أن العالم المرتبط بذي القرنين (داوود) يحوي ... حالة عرض الناس (العرض على جهنم) .. وهذا لا يحتاج إلى تعليق أو إضافة ...
من هنا نعلم أن (داوود) عليه السلام (ملك) لعالمين مختلفين في الخصائص ... وبذلك نستطيع أن نطلق عليه (ذي العالمين) ... ولكن ماذا لو أسمينا كل عالم بـ (القرن) ... فهل يجوز لنا تسمية داوود عليه السلام بـ (ذي القرنين).
إليكم .. موروث النبي الشريف .... كيف أنعم وقد إلتقم صاحب القرن القرن. وحنى جبهته وأصغى سمعه ينتظر أن يؤمر أن ينفخ فينفخ قال المسلمون: فكيف نقول يا رسول الله؟ قال: قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل. توكلنا على الله ربنا
وهو الموروث الذي أفادنا ... بخاصية إختراق الزمن لسليمان عليه السلام ..
من ذلك الموروث النبوي .... نقرأ .. أعطي سليمان بن داود ملك مشارق الأرض ومغاربها, فملك سبعمائة سنة وستة اشهر, ملك أهل الدنيا كلهم, من الجن والإنس والشياطين, وأعطي علم كل شيء ومنطق كل شيء, وفي زمانه صنعت الصنائع المعجبة التي ما سمع بها الناس وسخرت له
أيضاً ... عن سليمان
قال سليمان: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة، كل تلد غلاما يقاتل في سبيل الله، فقال له صاحبه - قال سفيان: يعني الملك - قل إن شاء الله، فنسي فطاف بهن فلم تأت امرأة تلد منهن بولد إلا واحدة بشق غلام
وسليمان هو هبة الله لوالده داوود ... وهو قد ورث منه كل شيء ... وهما تحديداً (الملكان) .. لعالم القبر ...
.. لا أدري .. لم نلحظ قوله تعالى (وحشر لسليمان جنوده من الجن والانس والطير فهم يوزعون) ... ونحن نعلم أن الحشر لا يكون في الحياة الدنيا ...
ولم ندرك .. مخاطبة النملة لسليمان عليه السلام ... رغم أننا ندرك أين تكون مساكنهم ... قال تعالى: .. (حتى اذا اتوا على وادي النمل قالت نملة يا ايها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون)
... لكن بمراجعة الموروث النبوي نجد التالي .... يحشر المتكبرون أمثال الذر (صغار النمل) يوم القيامة في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان
.. وهنا ندرك بعض معالم ذلك العالم (القبر) ... حين نفهم أن خطاب النملة لسليمان كان في ذلك العالم ...... ولكم أن تبحثوا عن كلمة (يوزعون) في القرآن الكريم .... ستجدوها في ثلاث آيات فقط ..... وجميعها تعود إلى ذلك العالم.
.. أختتم بقوله تعالى: .. (وداوود وسليمان اذ يحكمان في الحرث اذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين)
... أعتذر من الإطالة ... فقد مارست من الإختصار حده .... وأخيرأ .. أشد على يد الباحث .... بغض النظر عن الخطأ والصواب .... فذاك يحكمه الإنسان بجمعه ... وللجمع الشكر ...
.
¥