. (2) .. جميع الأنبياء (خرجوا عن الزمن) .. ومن مكان (معلوم) ... وهنا نتفهم كيف كانت الضرورة تتطلب (الإسراء) بالنبي محمد (ص) من المسجد الحرام إلى المكان المعلوم والذي يمثل (المنفذ) لعالم الحياة الدنيا والعوالم الأخرى .. وسنن الله تطلبت نقل محمد (ص) إلى ذات المكان والذي منه تم خروج الأنبياء عن الزمن وتلقي رسالات الله ... وهو ذات المكان الذي إنطلق منه موسى والعبد الصالح
قال تعالى .. (واذ اخذ الله ميثاق النبيين لما اتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال ااقررتم واخذتم على ذلكم اصري قالوا اقررنا قال فاشهدوا وانا معكم من الشاهدين)
... (3) .. قال تعالى (وكيف تصبر على مالم تحط به خبرا) ... عدم إحاطة موسى عليه السلام وهو في مقام النبوة دليل على أن الإحاطة بنتائج أي علم ما يتحقق في زمن المستقبل البعيد يستدعي الغرابة وعدم الصبر.
قال تعالى: .. (قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا) ... إشترط العبد الصالح على موسى ... أن يؤجل السؤال عن أي شيء .. ويستمر التأجيل حتى العودة من الرحلة ... وعندها ستكون الإجابة بـ (أحدث لك منه ذكرا) وذلك يدلل على أن الحديث بهذه الصيغة يكون في الزمن المعاش ولأحداث خارج الزمن المعاش .. وهذا لا يأتي إلا من باب البعد الزمني بين زمن الحدث وزمن تبيان وذكر الحدث.
... (4) .. ومن جميل تبيان القرآن الكريم توضيح خصائص (علمية) إرتبطت بسليمان عليه السلام بشكل مباشر ... وترتكز (تحديداً) على هذا العلم ... (إختراق الزمن) ..
قال تعالى: .. (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ) ..
قال تعالى: .. (ولسليمان الريح عاصفة تجري بامره الى (الارض التي باركنا فيها) وكنا بكل شيء عالمين)
قال تعالى (فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ)
... نلحظ قوله تعالى ... وكنا بكل شيء عالمين ... دلالة إرتكاز الأمر على العلم ... لذا كانت الريح تجري (بأمر سليمان) وليست بأمر غيره ... (وهذا مهم) .... ولكن إلى أين كانت تجري بأمره!! .... الآية تقول ... إلى الأرض التي باركنا فيها .. .. وهنا قد يتبادر إلى الذهن تساؤل يقول .. كيف نقول أنه لا يمكن تفعيل هذا العلم إلا من (الارض التي باركنا فيها) وفي الآية تحديد صريح .. حين عينت نقطة الوصول بـ (الأرض المباركة) ... وهذا يؤكد أن نقطة الإنطلاق لابد وأن تكون من نقطة أخرى مغايرة!!!!
وللتوضيح .. إختراق الزمن لا يتم إلا بالخروج منه والعودة إليه ... هذا أولاً ... ونحن هنا نتحدث عن إختراق (زمني) وليس مكاني ... فالمكان واحد .. والأزمنة المعاشة على ذات المكان هي المختلفة. فالإختراق يتم من (ذات المكان) للزمن المتباين ... وذهاباً وإياباً ... كما هي رحلة (المعراج) .... وكذا تواصل الله سبحانه وتعالى مع (كافة أنبيائه) عليهم السلام.
الإستدلال من السنة النبوية ..
حديث .. (1) .... أعطي سليمان بن داود ملك مشارق الأرض ومغاربها, فملك سبعمائة سنة وستة اشهر, ملك أهل الدنيا كلهم, من الجن والإنس والشياطين, وأعطي علم كل شيء ومنطق كل شيء, وفي زمانه صنعت الصنائع المعجبة التي ما سمع بها الناس وسخرت له
حديث .. (2) ..... قال سليمان: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة، كل تلد غلاما يقاتل في سبيل الله، فقال له صاحبه - قال سفيان: يعني الملك - قل إن شاء الله، فنسي فطاف بهن فلم تأت امرأة تلد منهن بولد إلا واحدة بشق غلام
قدرات لا شك أنها تتوافق مع ما أوتي سليمان عليه السلام ... بغض النظر عن حقيقة هذا النقل ... أو شخص ناقله أو راويه ... فقط .. المضمون متوافق مع آيات الله ...
ذي القرنين
¥