كما ورد في الآية ... الخوف من التسرب بين العالمين جراء تموج المفسدون أمر وارد .. لذا كان طلب معالجة الفصل بين العالمين موجه (لإنسان) محدد الهوية (ذي القرنين) .. ولايمكن - بحال - تحديد وتعيين المفسدون في الأرض والذي جاء وصفهم في الآية بـ (يأجوج ومأجوج) .... ويتعذر على أحد حصرهم بزمن بعينه .. بل هم المفسدون في سائر الأزمنة التي تقع ضمن الإطار الزمني والمحدد من ذي القرنين ..... والمفسدون لا يمكن تحديدهم في الزمن المعاش طالما أن باب التوبة مفتوح .. والذي ينتهي عند حلول الموت .. وعندها فقط يمكن تحديد (المفسدون).
بينت لنا آيات القرآن الكريم أن حال (المفسدون في الأرض) في اليوم الآخر ... هو التموج واليوم الآخر عالم ذا خصائص مختلفة عن الحياة الدنيا. وكلمة (بعضهم) .. تختلف عن جميعهم .. فهناك - قطعاً –غير المفسدون في الأرض .. أما كيف سيكون حالهم في اليوم الآخر .. فهو (الثبات) كما بينه القرآن .. والثبات عكس التموج ..
قال تعالى: ... (وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا)
قال تعالى: .. (يثبت الله الذين امنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء)
أما لماذا التموج والثبات ... قال تعالى: .. (ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم اولئك هم الخاسرون)
كيفية الفصل
الفصل بين عالمين يتحقق بإختلاف الخصائص ... وإختلاف الخصائص يتحقق بإختلاف الطاقة .. وتباين الخصائص بين السماوات – على سبيل المثال - تحقق من تباين الطاقة لكل سماء. قال تعالى (فقضاهن سبع سماوات في يومين واوحى في كل سماء (امرها) وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم)
الفصل بين العالمين تم من خلال توليد الطاقة الخاصة بهذا العالم ... والتي ترتكز على عنصر الحديد .. وننوه هنا إلى أن العلم الذي توصل إليه الإنسان حتى اليوم لما يخص توليد الطاقة وبشتى أنواعها (الكهربائية. الميكانيكية. الذرية ... الخ) يعتمد على عنصرين أساسيين وهما (التدوير .. الوقود المسال) وهي ذات العناصر التي إتبعها ذي القرنين.
قال تعالى (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا)
ساوى بين الصدفين .. أي الطرفين .. الطرف الأول (الشرقي) عند زمن (القوم الذين لم يجعل الله لهم من دون الشمس سترا) .. الطرف الثاني (الغربي) عند زمن (ووجد عندها قوما) .. وساوى ذي القرنين بين الصدفين للوصول إلى الشكل الدائري .. (أنفخوا فيه) .. دلالة التدوير ... (حتى إذا جعله نارا) ... دلالة على شدة التدوير ... (أفرغ عليه قطرا) ... إضافة الوقود (المسال) والذي يؤدي إلى توليد الطاقة لعالم القبر ... وهنا نذكر أن تحويل (القطر) إلى سائل ... كان من الله سبحانه وتعالى (وأسلنا له عين القطر) ... كذلك إلانة الحديد ( .. النا له الحديد) ... وإنتاج الطاقة .. هو ما حقق الفصل بين العالمين ... وبذلك يكون من في القبر غير قادراً على التواصل مع من في الحياة الدنيا .. كذلك يستحيل على من يعيش في الحياة الدنيا التواصل مع عالم القبر ... وذلك لتباين الخصائص في العالمين ... و (الزبور والحديد) كانت لنبي واحد يلقب بـ (ذي القرنين)
قال تعالى: ... (فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا)
عالم القبر (فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ .. دلالة على سفلية هذا العالم)
الحياة الدنيا (وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا .... دلالة على أن محاولة التواصل مع عالم القبر المستحيلة تعتمد على (الحفر).
قال تعالى: .. (قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا) ..
¥