ولقد بين الله تعالى في القرآن الكريم أن الناس صنفان ,منهم من عبد الله وأطاعه وعصى الشيطان ,ومنهم من عصى الرحمن وأطاع الشيطان ,وقد وصف القرآن هذين الصنفين من الناس فقال عزوجل: ((وعندهم قاصرات الطرف عين * كأنَهنَ بيض مكنون * فأقبل بعضهم على بعض يتسائلون * قال قائل منهم إني كان لي قرين * يقول أإنَك لمن المصدِقين * أئذا متنا وكنَا ترابا وعظاما أئنَا لمدينون * قال هل انتم مطَلعون * فاطَلع فرآه في سوآء الجحيم * قال تالله إن كدتَ لتردين * ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين* أفما نحن بميتين *إلا موتتنا الاولى وما نحن بمعذَبين * إنَ هذا لهو الفوز العظيم * لمثل هذا فليعمل العاملون *))
{الصَآفَات آية:48 - 61}
الله تبارك وتعالى يعطينا دروسا ويبين لنا صورة كاملة عن يوم القيامة , وعن المؤمن الذي اراد قرين السوء في الحياة الدنيا أن يضلَه ويشككه بيوم الحساب ,
ذكر القرطبي في تفسيره رحمه الله: أراد بالقرين قرينه من الشياطين كان يوسوس إليه بإنكار يوم البعث والحساب ...
((فأقبل بعضهم على بعض يتسائلون)) أي جالسين على الأرائك يسأل أحدهم الآخر عن حياته التي عاشها في الدنيا , وما لقي فيها , قال أحدهم يصف الوساوس التي كانت تأتيه من القرين. ((قال قائل منهم إني كان لي قرين))
والقرين له معنى آخر هو الصديق من الأنس كان ضآلَا ((يقول أئنك لمن المصدِقين *أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمدينون *)) القرين يقول للمؤمن: أتصدِق بأنا بعد موتنا وبعد أن تصبح أجسادنا ترابا وعظاما سنحيا ونحاسب؟؟؟ يأتي الردُ من الله تعالى ((قال هل أنتم مطَلعون * فاطَلع فرآه في سوآء الجحيم *))
الله أكبر ... يارب كيف رآه وهو مع المليارات من الناس؟؟؟
يقول القرطبي في تفسيره ,,, (قال) الله لاهل الجنة ((هل أنتم مطَلعون)) وقيل هو من قول المؤمن لإخوانه في الجنَة هل انتم مطلعون الى النار لننظر كيف حال ذلك القرين. تفسير القرطبي ..
وقال ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى ((هل انتم مطلعون * فاطَلع فرآه في)) إن في الجنة كوى ينظر أهلها منها إلى النار وأهلها.تفسير القرطبي ..
فلكل مؤمن قرين من الجن ,فيخاطب الله اصحاب الجنة جميعا بقوله تعالى: ((هل أنتم مطَلعون)) أي هل تريدون أن يرى كلُ منكم قرينه ,والخطاب هنا بصيغة الجمع (هل أنتم) والجواب جآء بصيغة المفرد ,إذ قام كل مؤمن ينظر إلى قرينه ليراه في سوآء الجحيم ((فاطَلع فرآه في سوآء الجحيم)) الخطاب لكل أهل الجنة , أما الرؤية فتكون إنفراديَة ... كل ينظر بعينيه ليرى قرينه في الجحيم.
قلنا إن النار فيها مليارات من البشر. فكيف يرى المؤمن ذلك القرين من بين تلك المليارات؟؟
وجواب هذا إن الله أعطى للمؤمنين في الجنة إمتيازات فقال تعالى ((ولكم فيها ما تدَعون)) {فصِلت آية:31}
أي أعطيكم في الجنة كل ما تريدون لأني راض عنكم. فعندما يريد المؤمن في الجنة أن يرى أحدا من أهل النار فإن الله يخرجه من بين اهل النار ليراه ذلك المؤمن ويكلمه بما يريد.
وبدأ المؤمن الذي في الجنة يخاطب القرين بما كان يعتقد هذا القرين من الباطل وبما كان يوسوس له:
((قال تالله إن كدت لتردين * ولولا نعمة ربِي لكنت من المحضرين *)) لقد أقسم يمينا (تالله) لو أطاع قرينه لكان من المحضرين أي في النار. ولولا نعمة الإيمان والإسلام مع معرفة الوساوس الشيطانية والإحتراز منها ومعرفتها لكان هذا المؤمن في النار مع القرين. وأخذ يناقشه بما كان يوسوس له هذا القرين قال:
((أفما نحن بميِتبن إلَا موتتنا الاولى وما نحن بمعذَبين)) هذا المؤمن ردَ الوسوسة ولم يأخذ بها وأخذ يناقش القرين الذي كان ينكر يوم القيامة والعذاب والحساب ...
هذا هو موقف المؤمن من كل الوساوس يتصدَى لها وينكرها وعندها فإنَ الله تبارك وتعالى يؤيد عبده المؤمن بعمله هذا باعتقاده الصحيح وتصدِيه للوساوس , وإن هذا هو الفوز العظيم كما يحث المؤمنين على هذا الاعتقاد والعمل الصالح. يقول تعالى: ((إنَ هذا لهو الفوز العظيم *لمثل هذا فليعمل العاملون *)) هنا المؤمن سلك الطريق الصحيح ..
¥