تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[د. عماد]ــــــــ[17 Nov 2004, 03:42 م]ـ

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (الأنفال: 24)

1 - قوله تعالى: (اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ)

أمر للذين آمنوا بأن يستجيبوا لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وهو أمر يقتضي الوجوب .. ولكنه ليس أمرًا مطلقًا؛ بل هو أمر مقيد بقوله تعالى:

(إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ) حياة طيبة.

وما يحييهم حياة طيبة هو كل حق وصواب يدعَون إليه، ويدخل فيه الدعوة إلى الإيمان، والقرآن، والجهاد، وكل أعمال البر والطاعة.

2 - قوله تعالى: (وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ)

اختلفوا في تفسيره بحسب اختلافهم في الجبر والقدر.

أ - فأما القائلون بالجبر فقالوا: المراد منه أن الله تعالى يحول بين المرء الكافر، وبين قلبه .. وبين المرء المؤمن، وقلبه .. فقلوب العباد بين أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء!

فإذا أراد الكافر أن يؤمن، والله تعالى لا يريد إيمانه، يحول بينه، وبين قلبه .. وإذا أراد المؤمن أن يكفر، والله تعالى لا يريده أن يكفر، يحول بينه، وبين قلبه.

يقول تعالى: (يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ) (إبراهيم: 27).

ب - وأما القائلون بالقدر فقالوا في تفسير الآية وجوهًا؛ منها: أن المراد: بادروا في الاستجابة إلى الله ورسوله، لما دعاكم، قبل أن يأتيكم الموت، ويحول بينكم، وبين الاستجابة، فتكونوا من الخاسرين .. ولهذا قال تعالى يعد ذلك:

(وأنه إليه تحشرون).

وقريب من معنى الآية قوله تعالى في الدعوة إلبى الإنفاق: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (البقرة: 254)

فمن استجاب لله ولرسوله، فاز ونجا .. ومن لم يستجب خسر وهلك .. وهذا هو الذي يحول الله تعالى بينه وبين قلبه .. إنها رياح الدعوة إلى الله تعالى قد هبَّت، فمن اغتنمها بالاستجابة كان من الفائزين، ومن لم يغتنمها، كان من الخاسرين ... وإلى مثل هذا ذهب أحد الشعراء حين قال:

إذا هبت رياحك فاغتنمها .... فعقبى كل خافقة سكون

وأما ما تمسك به أهل الجبر من مثل قوله تعالى: (وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ) فلا حجة لهم فيه؛ لأن مشيئة الله تعالى، وإن كانت مطلقة، فإنها تابعة لحكمته سبحانه. فالله تعالى لا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة .. (ولا يظلم ربك أحدًا).

وخير الكلام ما قل ودل .. والحمد لله على منه وتعليمه.

د. عماد

وقل رب زدني علمًا

ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[17 Nov 2004, 05:49 م]ـ

دكتور عماد

مع أحترامي البالغ فقد نقلت حضرتك قولي

أهل الجبر وأهل القدر

فهل القول الثالث لأهل السنة الأشعرية معتبر عندكم--والذي ذكره القرطبي قائلا ((قِيلَ: إِنَّهُ يَقْتَضِي النَّصّ مِنْهُ عَلَى خَلْقه تَعَالَى الْكُفْر وَالْإِيمَان فَيَحُول بَيْن الْمَرْء الْكَافِر وَبَيْن الْإِيمَان الَّذِي أَمَرَهُ بِهِ , فَلَا يَكْتَسِبهُ إِذَا لَمْ يُقَدِّرهُ عَلَيْهِ بَلْ أَقْدَره عَلَى ضِدّه وَهُوَ الْكُفْر. وَهَكَذَا الْمُؤْمِن يَحُول بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكُفْر. فَبَانَ بِهَذَا النَّصّ أَنَّهُ تَعَالَى خَالِق لِجَمِيعِ اِكْتِسَاب الْعِبَاد خَيْرهَا وَشَرّهَا. وَهَذَا مَعْنَى قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا , وَمُقَلِّب الْقُلُوب ". وَكَانَ فِعْل اللَّه تَعَالَى ذَلِكَ عَدْلًا فِيمَنْ أَضَلَّهُ وَخَذَلَهُ ; إِذْ لَمْ يَمْنَعهُمْ حَقًّا وَجَبَ عَلَيْهِ فَتَزُول صِفَة الْعَدْل , وَإِنَّمَا مَنَعَهُمْ مَا كَانَ لَهُ أَنْ يَتَفَضَّلَ بِهِ عَلَيْهِمْ لَا مَا وَجَبَ لَهُمْ))

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير