تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال شيخ الإسلام":وقوله تعالى: {وَشَهِدَ شَاهِد} ليس المقصود شاهداً واحداً معيناً، وقول من قال: إنه عبد الله بن سلام ليس بشيء، فإن هذه نزلت بمكة قبل أن يعرف ابن سلام، ولكن المقصود جنس الشاهد" ([8]).

قال ابن كثير":وهذا الشاهد اسم جنس يعم عبد الله بن سلام وغيره فإن هذه الآية مكية نزلت قبل إسلام عبد الله بن سلام" ([9]).

ثانياً: تنازع دلالة السياق مع العموم.

كثيراَ ما يظهر تعارض القول بالعموم مع السياق الخاص في الآية عند الترجيح، وبالنظر والتأمل يتبين أن القول بما يوافق السياق هو الأصل، ولا يعارض ذلك القول بالعموم فيما هو في حكمه، وبذلك يتفق العموم مع السياق الخاص، لأن القاعدة الأصولية المعتبرة أن (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب).

وما ذهب إليه صاحب قواعد الترجيح من قوله ":وقواعد العموم مقدمة على قواعد السياق وغيرها، فقواعد العموم أقوى من قواعد السياق" ([10]).

وهذه القاعدة محل نظر، لأنه لا تعارض بين قواعد العموم والسياق، إذ السياق دال على حكم خاص يؤخذ منه العموم، فكيف يقدم القول بالعموم.

ولذا نجده – وفقه الله - مع تقريره لهذه القاعدة إلا أنه قد بيّن تخصيص السياق للعموم في قاعدة أخرى فقال: قاعدة (يجب حمل نصوص الوحي على العموم ما لم يرد نص بالتخصيص)، ثم يبين المخصص بأنه السياق أو الدليل بقوله: (إلا أن يكون السياق يقتضي تخصيصها حتماً، أو يقوم الدليل على ذلك) ([11]).

ولا يجوز بحال إخراج الآية عن سياقها إلى عموم غير مناسب للسياق لأن ذلك يخرج الآية عن مقصودها وغرضها وسياقها، ومن هنا قلنا بلزوم الانطلاق من السياق في القول بالعموم، ولهذا نستطيع القول بأن السياق هو المحدد للعموم والموجه له.

قال صاحب رسالة أسباب النزول وأثرها في بيان النصوص: "هل يعد السياق عند العلماء مخصصاً للعام أم لا"؟.

قلما تعرض العلماء لهذه المسألة، ولكن ورد عن الشافعي في الرسالة ما يقتضي التخصيص بالسياق، فإنه بوب على ذلك فقال: (باب الذي يبين سياقه معناه) وأورد فيه قوله تعالى: {وأَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} فإن السياق أرشد إلى أن المراد أهلها، وهو قوله تعالى: +إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ" [الأعراف 163]) وما ذهب إليه قوي؛ لأن السياق نوع من القرائن، ولا ريب في أن الناس في مخاطباتهم يتركون العام لأجل القرينة الدالة على إرادة الخصوص، والشرع يخاطب الناس بحسب تعارفهم ([12]).

--الحواشي


([1]) ((قواعد التفسير عند المفسرين)) (2/ 349).
([2]) ((البرهان في علوم القرآن)) (1/ 317).
([3]) ((قواعد الترجيح عند المفسرين)) (2/ 299).
([4]) انظر: ((أثر السياق في النظام النحوي)) (ص93).
([5]) ((جامع البيان)) ((11/ 281)).
([6]) ((جامع البيان)) ((11/ 277)).
([7]) انظر: ((جامع البيان)) (11/ 278).
([8]) ((النبوات)) (1/ 177).
([9]) ((تفسير القرآن العظيم)) (7/ 278).
([10]) ((قواعد الترجيح عند المفسرين)) (1/ 66).
([11]) ((قواعد الترجيح عند المفسرين)) (2/ 528).
([12]) ((أسباب النزول وأثرها في بيان النصوص)) (ص418).

ـ[فهد الناصر]ــــــــ[23 Feb 2007, 06:26 ص]ـ
بارك الله فيكم.
فوائد مهمة في فهم القرآن جزيت خيراً

ـ[عمر المقبل]ــــــــ[24 Feb 2007, 03:36 م]ـ
بوركتم أبا عبدالله على هذه الفوائد ..

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير