عبارة (إن دلَّ فإنما يدل على) شائعةٌ , ولكن هل هي تشعر بتردد دلالة الدليل أو المستدل.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[09 Mar 2007, 03:34 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد/
فكثيرا ما نسمع هذه العبارة ونقرأها , ولكن نبهني أحد المشايخ الكرام عليها ذات مرة ,وقال لي إنها من الخطأ الشائع لأنها تشعر بالتردد في الدلالة أو استدلال المستدل نفسه , فهل هذا واقع بالنسبة للمشايخ الفضلاء هنا في الملتقى أم أنهم يرون اتساع الأمر واحتماله لهذا التعبير , وان الشعور بالتردد غير وارد, لأني في حقيقة الأمر لم أراجع الشيخ حياءاً منه , وهل من معاني إن الشرطية في اللغة الترددُ .. ؟؟
ـ[منصور مهران]ــــــــ[09 Mar 2007, 05:23 م]ـ
(إن) الشرطية تفيد الشك
لذلك منعوا أن يقول أحدنا: (إن قامت القيامة يكن كذا)؛
لأن القيامة آتية لا محالة بعلم يقين تلقاه البشر عن رب العالمين،
وقد يكون في الناس شاك في أمر القيامة فهو غير مؤمن بربه - أعاذنا الله من خلل الاعتقاد -
ولا بأس من قولنا: (إذا قامت القيامة .... )؛ لأن (إذا) لا تفيد شكا.
وفي العبارة التي يسأل عنا أخي الفاضل محمود الشنقيطي خلل معنوي؛
ذلك أن الشك يتعارض مع التأكيد المستفاد من (إنّ) الواردة بعد الاستثناء،
وكنت سمعت أشياخنا ينهون عن هذا الاستعمال لهذا السبب،
وتراءى لي سبب آخر الآن فمثل هذا الاسلوب تبدو في نزعة التهكم وسلب القيمة عن كلام الطرف الآخر،
وليس ذلك من شيم أهل العلم.
والله أعلم.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[09 Mar 2007, 06:34 م]ـ
أستاذنا القدير , وشيخنا الكريم / منصور مهران بلغك الله مُناك
شكر الله لكم على حسن البيان ,ولكن هل إفادة (إن) للشك مطَّردةٌ في كل استعمال , فإن كان ذلك كذلك ,فقد أشكل علي الجمع بينه وبين قول الله (وإن كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا .. ) الآية, مع أن الحاصل في هذه الآية هو إيمان طائفةٍ وعدم إيمان أخرى ..
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[09 Mar 2007, 08:41 م]ـ
أخي الكريم الشيخ / محمود الشنقيطي – حفظه الله تعالى -:
أرجو أن تقبل جواب التلميذ حتى يحضر الأستاذ القدير منصور – حفظه الله -.
ما ذكره الأستاذ منصور مهران – حفظه الله تعالى – في جوابه بخصوص أنّ
" إنْ " الشّرطية تختص بالمشكوك فيه هو عينُ الصواب إن شاء الله، لكن الأمر
ليس على إطلاقه .. فقد تأتي مع الأمر المُحَقّق ... ومثال هذا الآية التي ذكرتَها بارك
الله فيك ... وأيضا – على سبيل المثال-
قوله تعالى على لسان عيسى – عليه السلام -: " إنْ كنتُ قلتُه فقد علمتَه "
(سورة المائدة، آية رقم:116)
ومثل هذا قول النابغة:
لئن كنتَ قد بُلّغت عني وشاية ** لمبلغك الواشي أغش وأكذب
وتأتي كذلك مع الأمر الذي يستحيل وقوعه ... كقوله تعالى: " قل إن كان للرحمن ولد
فأنا أول العابدين " (سورة الزخرف، آية رقم:81)
وكل هذا يكون لأغراض ونكت بلاغية ... والله أعلم.
وأنتظر معك أستاذنا الكريم منصور ليصحح أو يضيف وله كل الشكر والتقدير.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[09 Mar 2007, 09:12 م]ـ
هذا هو الأصل الذي وُضعت له (إنْ)
وعلماء البلاغة يتخذون من مقامات الكلام معانيَ أخرى تتحدد حسب السياق،
و في هذه الآية السابعة والثمانين من سورة الأعراف، قال أبو حيان:
((هذا الكلام من أحسن ما تلطف به في المحاورة؛
إذ برز المُتحقق في صورة المشكوك فيه؛
وذلك أنه قد آمن به طائفة بدليل قول المستكبرين عن الإيمان: (لنخرجنك ياشعيب والذين معك)
وهو أيضا من بارع التقسيم؛ إذ لا يخلو قومه من القسمين.))
هذا، وبالله التوفيق.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[09 Mar 2007, 11:50 م]ـ
أذكر أنني استعملت هذا الأسلوب مرةً،فقال لي عمي ـ الشيخ صالح بن محمد المقبل حفظه الله (وهو عالم بالفرائض،معتن بعلم التجويد خاصة) وله اهتمام بالسيرة،وهو أحد شيوخي الذين تلقيت عنهم بعض مبادئ التجويد ـ قال لي باللهجة العامية: (طيب يا ولدي وإذا ما دلّ؟!)
فناقشته، فأفهمني أن الصحيح أن يقال مباشرة: وهذا يدل على كذا وكذا، لأن قولك: إن دلّ،فهي توحي بأن دلالاته محتملة،كما تفضل بذلك صاحب الموضوع ومن عقّب عليه.
ـ[الجكني]ــــــــ[10 Mar 2007, 12:24 ص]ـ
عندي لها "تخريج " آخر أضعه بين يدي أهل اللغة والنحو،وهو أن هذا الأسلوب نستخدمه "غالباً للتأكيد،فإذا صح لي ذلك فيكون وجه "إنْ " هنا هو أنها بمعنى "إذ" وهذا الوجه صرح به ابن هشام رحمه الله في "مغني اللبيب " قال رحمه الله:زعم الكوفيون أنها - إنْ- تكون بمعنى:إذ" انتهى 0
قال الأمير في حاشيته: (قوله بمعنى إذ) أي لتعليل ما قبلها 0
هذا وجه آمل تصحيحه أو بيان خطأه 0
ـ[منصور مهران]ــــــــ[10 Mar 2007, 08:42 ص]ـ
الأخ الحبيب الجكني له لفتات رائعة في توجيه أنظار القراء إلى جهات مختلفة ليزدادوا تمحيصا وتأملا قبل القطع بالقول،
ومن هذا المُنْطَلَق أقول:
الوجه الذي حكاه ابن هشام مسبوقا بقوله: (زعم الكوفيون ... ) يجعلني أسقط عليه ما نحن بصدده فأقول:
(إن صح زعمهم فلا أرى له وجها في المثال الذي نبحث فيه)
لأن شرط كون (إنْ) بمعنى (إذ) أن يكون الفعل بعدها محقق الوقوع؛ كما في قوله تعالى:
(وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين) البقرة / 278
وقوله تعالى:
(واتقوا الله إن كنتم مؤمنين) المائدة / 57
وقوله تعالى:
(لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين) الفتح / 27
والبصريون يعدونها شرطية في جميع ذلك، ولهم تبيان وتعليل؛
ففي آية الربا قالوا: (إن) حرف شرط يأتي لتهييج دواعي الإيمان في النفوس وإلهاب الإذعان.
وفي آية الفتح ليعلمنا ربنا عز وجل التعلق بمشيئة الله وهو سبحانه القائل:
(ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله)
ويُلاحظ أنها إذا صارت بمعنى (إذ) - على مذهب الكوفيين - فهي ظرف لمتحقق الوقوع،
بينما المثال الذي بصدده النقاش يُرادُ منه التشكيك والتوهين - في نظري الكليل - فأنى يجتمعان؟
وبالله التوفيق.
¥