تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مصحف إفريقيا]

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Feb 2007, 01:58 م]ـ

زرت الأستاذ الدكتور زيد عمر عبدالله العيص حفظه الله في مكتبه في قسم الثقافة الإسلامية بكلية التربية بجامعة الملك سعود وهو القسم الذي أعمل فيه حالياً، فلمحتُ على طرف مكتبه طبعة جديدة للمصحف الشريف لم أرها من قبلُ، فاستأذنته في الاطلاع عليها، ووجدت على غلاف المصحف عبارة (مصحف إفريقيا)، وإذا به في لون وحجم مصحف المدينة النبوية. فاستغرب الدكتور زيد عمر من عدم معرفتي بهذا المصحف وقصته!

ثم رواها لي فقال: تواترت قصص كثيرة عن بعض مسلمي إفريقيا وقراها وقبائلها النائية أنهم لا يكادون يجدون مصحفاً يقرؤن فيه، وبلغ الحال ببعضهم أن قاموا باقتسام صفحات المصحف الواحد للقراءة فيه لندرة المصاحف، فتداعى بعض أهل الخير والغيرة على القرآن من أهل السودان لعملٍ ييسر لهؤلاء المسلمين الحصول على نسخٍ كافيةٍ من المصاحف يقرؤون فيها، فاستقر رأيهم على إنشاء مطبعة لطباعة المصحف في السودان لتسعى لتوفير المصاحف للمسلمين في إفريقيا خاصة، ومن هنا جاءت تسمية المصحف بـ (مصحف إفريقيا).

وقد اقترح بعضهم البحث في إمكانية شراء بعض الآت الطباعة المستخدمة في بعض الدول الأوربية كألمانيا وإيطاليا حتى تكون قيمتها أقل، ويتمكن هؤلاء من الحصول عليها، إلا أن بعضهم أبى أن يطبع المصحف إلا بأحدث الآلات مهما غلا الثمن! فقالوا: ليتنا نستطيع الحصول عليها، لكن من أين يمكننا توفير هذه المبالغ الكبيرة لشراء هذه الآلات، والإمكانيات المادية محدودة؟

وبعد مشاورة بين هؤلاء الفضلاء استقر الرأي على أن يقصدوا بعض الموسرين وأصحاب القرار في العالم الإسلامي لمساعدتهم في تنفيذ هذه الفكرة، فقصدوا رئيساً لإحدى دول الخليج فأعطاهم مقدماً مليوني دولار للبدء في العمل، وأقرضهم مثلها، وذهبوا للرئيس السوداني فمنحهم عدداً من الأراضي في أماكن غالية في السودان لتكون وقفاً على هذا المشروع الطموح.

وقد وقع اختيارهم على (مصحف الدار الشامية) الذي كتبه الخطاط السوري المبدع عثمان طه وفقه الله، حيث استأذنوا مالك حقوق هذه الطبعة فأذن لهم وسأنقل لكم ما كتبوه في تعريفهم بالمصحف.

قالوا:

هذا المصحف الشريف

الحمد لله الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً، وتبارك الذي يسره للمدكرين تيسيراً، وتعالى الذي تكفل بحفظه للعالمين هادياً وبشيراً، والصلاة والسلام على من نزل عليه القرآن تنزيلاً.

أما بعدُ فإنه ليشرف دار مصحف إفريقيا أن تخرج لجمهور المسلمين هذه الطبعة من القرآن الكريم وفق رواية حفص بن سليمان بن المغيرة الأسدي الكوفي لقراءة عاصم بن أبي النجود الكوفي عن أبي عبدالرحمن بن حبيب السلمي عن عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وزيد بن ثابت وأبي بن كعب رضي الله عنهم أجمعين عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد اعتمدت هذه الطبعة على مصحف الدار الشامية بخط الخطاط عثمان طه، إذ تكرم المهندس مصطفى صبري البيلاني – صاحب الدار الشامية للمعارف مالكة حقوق طبعه وامتيازاته – بالإذن لدار مصحف إفريقيا بطباعته ونشره، جزاهم الله خيراً على ذلك وجعله صدقة جارية في موازين حسناتهم إلى يوم يلقونه إنه سميع مجيب.

وحيث إن طريقة الضبط المتبعة في مصحف الدار الشامية هي طريقة الخليل بن أحمد وأتباعه من المشارقة فقد سارت دار مصحف إفريقيا على طريقهم ولم تغير من علامات الضبط شيئاً إلا ما كان من تغييرها لعلامة الإشمام والإمالة لتكون أقرب إلى المعمول به عند نقّاط المصاحف قديماً. وعلى الجملة فإن عمدة هذه الطبعة من المصحف الشريف هو ما رواه الشيخان أبو عمرو الداني وأبو سليمان بن نجاح في الرسم وعلى ما حققه الشيخ محمد بن محمد الأموي الشريشي المشهور بالخراز في منظومته (مورد الظمآن)، مع مراعاة قراءة عاصم برواية حفص في المواضع التي تختلف فيها مصاحف الأمصار.

واعتمدت في الضبط على ما ورد في كتاب (الطراز على ضبط الخراز) للإمام التنسي وغيره من كتب الضبط، مستهدية مع ذلك بما استحدثه العلماء من مصطلحات جديدة عند بداية ظهور المصاحف المطبوعة ألجأهم إليها ضرورات فنية في ذلك الزمان.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير