تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[نظرات في مفهوم الأمن في القرآن الكريم]

ـ[محمد البويسفي]ــــــــ[05 Apr 2007, 12:33 ص]ـ

هذه محاضرة بعنوان: نظرات في مفهوم الأمن في القرآن الكريم لفضيلة الدكتور الشاهد البوشيخي ألقيت في الملتقى الثاني للقرآن الكريم بمكناس المغرب

بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه ولا حول ولا وقوة إلا بالله العلي العظيم، ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا، اللهم أنفعنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا وزدنا علما، اللهم افتح لنا أبواب الرحمة وأنطقنا بالحكمة واجعلنا من الراشدين فضلا منك ونعمة.

الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتب ولم يجعل له عوجا، الحمد لله الذي له الحمد في الأولى والآخرة، الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه.

أيها الأحبة، المصطلح في كتاب الله عز وجل: أي ألفاظ هذا الكتاب هي ألفاظ هذا الدين وعليها المدار، والقرآن نفسه بينها في مواطن كثيرة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بينها أيضا في مواطن كثيرة، والراسخون في العلم عبر القرون اجتهدوا أيضا في بيانها في مواطن كثيرة، ولكن حال زماننا هذا بما هو عليه من قدر غير يسير من البعد عن كتاب الله عز وجل: بعد لغوي وبعد إيماني، بعد مفهومي، وبعد مصطلحي، هذا البعد يجعل الاهتمام وتركيز الاهتمام على هذه الألفاظ اليوم من أوجب الواجبات، وهذه الألفاظ لا نستطيع اليوم أن نقترب وأن نلج عالم القرآن وأن نتغلغل في أعماقه إلا بعد الاقتراب منها ومحاولة التمكن من مضامينها و مفاهيمها، وهي لا تتأثر بالعصور فهي ثابتة في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وقد قلت يوما – بفضل الله تعالى- إن هذا الكتاب يحمل معجمه ويحمي معجمه، فلو حاولنا ما حاولنا، وحاول المحاولون ما حاولوا أن يحدثوا التغيير في أي مفهوم لكتاب الله عز وجل فلن يستطيعوا ذلك، وذلك من حفظ الله عز وجل لكتابه مما ينص عليه قوله تعالى: ? إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون? [الحجر9] ومن تلك الألفاظ المهمة جدا في كتاب الله عز وجل والتي نحتاج إليها كثيرا، نحتاج إلى فهمها وتبين المراد منها لنعرف كيف نكسب مضمونها، ولنعرف كيف نتصف بمفهومها.

ومن تلك الألفاظ المهمة لفظ الأمن،، وذلك لأن حاجة البشرية إليه اليوم شديدة جدا، فالقلق مسيطر على البشرية في كل مجال، الاضطراب والحيرة وقلق البال واضطراب الحال، حال القلوب خاصة، هذا الأمر متمكن غاية التمكن من البشرية اليوم، وذلك شيء طبيعي، لأن الشيء الذي به يسكن القلب البشري ويطمئن ويرتاح، والذي به تسعد الروح البشرية في هذه الدنيا وفي الآخرة أيضا، ليس هو الذي له السيادة اليوم وليس هو الذي منه تقتات البشرية، وإليه ترجع، فالمرجعية اليوم لغير كتاب الله عز وجل، بينما هو الروح, روح البشرية حقيقة كما قال تعالى: ?وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا? [الشورى 49] فالقرآن هو الروح الذي يجمع هذه القطع المتناثرة من أمة الإسلام ليجعل منها- بإذن الله تعالى – جسدا واحدا له كل مظاهر الحياة التي أشار إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المشهور: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) (رواه احمد ومسلم). فبغير روح القرآن لا يكون هذا الجسد، ولن تجتمع هذه القطع في كيان واحد حي يرى ويسمع ويفقه وتكون له أعين يبصر بها، وله آذان يسمع بها، وله قلوب يفقه بها، بغير هذا القرآن لن تكون حياة، ولن يكون اجتماع، لنحظى برؤية الأمة من جديد، أمة الإسلام، فما أكثر الحواجز- كما ترون اليوم- بين أطرافها جغرافيا وتاريخيا ومذهبيا وفكريا وسلوكيا وغير ذلك، ولكن إذا وقع الاجتهاد لإعادة روح القرآن وإحلالها في كيان الإنسان، في كل مكان من أرض الإسلام، فإن هذه القطع وهذه الأجزاء ستجتمع بإذن عز وجل ليتخلق منها جسد واحد حي له كل خصائص الحياة، وليحدث هذا فنحن بحاجة إلى أن نتبين المداخل إلى هذا القرآن الكريم، ومن تلك المداخل مفهوم الأمن في كتاب الله عز وجل، وسننظر إليه من زوايا متعددة:

النظرة الأولى:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير