تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[حالات الضعف البشري التي اعترت الأنبياء ـ المذكورة في القرآن ـ وحاجة الدعاة لتأملها]

ـ[عمر المقبل]ــــــــ[24 Feb 2007, 02:30 م]ـ

فلا شك أن الأنبياء بشر من البشر، ونصوص الكتاب في هذا أشهر من أن تذكر أو تسرد،ولكنني أذكر بآية واحدة فقط،وهي قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ ... الآية [الفرقان/20]).

إذا تقرر هذا،فإن القرآن حافل بذكر جملةٍ من الأحوال التي تعتري ما يعتري البشر من جراء التغيرات والأحداث التي تقع لهم في دعوتهم لأقوامهم، كالحزن،وشدة الهم،وبعض حالات اليأس، ... الخ.

وإن الانطلاق من القرآن الكريم في دراسة هذه الأحوال،وتأمل أسبابها،وكيف عالجها القرآن = لمن أعظم ما يعين الدعاة إلى الله في طريق دعوتهم المليء بالمشاق والمصاعب.

وقد كنت جمعت عدداً لا بأس به من هذه الأحوال، سأذكرها تباعاً، فاتحاً باب الاستفادة من تأملات إخواني في هذا الملتقى المبارك، على غرار ما سبق في موضوع: مواضع الاتفاق بين الأنبياء في القرآن ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=1172).

وليعلم أن المراد تسطيره هنا هو أي حالة تعتري نبياً من الأنبياء،ولا يلزم الاتفاق فيها،بل إن حصل اتفاق، فتذكر هنا،ويمكن أن تنقل هناك إلى الموضوع المنوه عنه ـ إن لم تذكر ـ.

وباسم الله نبدأ:

1 ـ حالة الهمّ،وضيق الصدر (الخوف) من عدم الاستجابة:

قال تعالى لنبينا صلى الله عليه وسلم: (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ [هود/12]).

وقال سبحانه: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ [الحجر/97]).

وقال جل جلاله عن نبيه وكليمه موسى: (قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (12) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ [الشعراء/12، 13]).

أما كيف عالج القرآن هذه الحالة،فبأمرين ـ فيما ظهر لي ـ:

1 ـ التأكيد على أن مسألة الهداية أمرٌ رباني، ليس لأحد مدخل فيها.

قال تعالى: (وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآَيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (35) [الأنعام/35]).

2 ـ معالجة ذلك بكثرة الذكر والتشبيح،والاستمرار في العبادة: قال سبحانه: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)).

وقد جاء الإلماح إلى هذا المعنى في كلام موسى عليه الصلاة والسلام ـ في معرض سؤاله ربه أن يجعل له وزيراً من أهله ـ: (كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا (35) [طه/33 - 35]).

فجعل من مبررات استوزار هارون: الإعانة على الذكر الذي هو من أهم أسباب زوال ضيق الصدر والهم.

يتبع ـ إن شاء الله ـ منتظراً فوائد الإخوة أثابهم الله.

ـ[عمر المقبل]ــــــــ[02 Mar 2007, 10:14 م]ـ

أود أن أنبه إخواني الأفاضل إلى أنني لا أتقصد استيعاب الآيات في علاج الحالة الواحدة،بل أذكر ما يشير،ومن شاء أن يضيف فسأكون شاكراً.

الحال الثانية:

الخوف من تكذيب الناس أو الشخص الذين أرسل إليهم ذلك النبي،ومن ذلك ما ذكره الله تعالى عن نبيه موسى عليه الصلاة والسلام: (قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (12) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (13) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (14) [الشعراء/12 - 15]).

وقال سبحانه: (قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33) وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ [القصص/33، 34]).

ومن طرق علاج هذا الخوف:

1 ـ التطمين الإلهي بالمعية الخاصة،التي تنفي كل خوف،وتزيل كل قلق، قال سبحانه: (قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآَيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (15) [الشعراء/15]).

2 ـ المعين من البشر.

3 ـ قوة الحجة،والقدرة على دحض الشبه التي قد يوردها الخصم،ودليل هاتين النقطتين:

(قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ، وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا، فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآَيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ [القصص/35])

قال القرطبي ـ رحمه الله ـ في تفسير هذه الآية:

(إنى أخاف أن يكذبون) إذا لم يكن لي وزير ولا معين، لانهم لا يكادون يفقهون عني، ف (قال) الله عزوجل له (سنشد عضدك بأخيك) أي نقويك به، وهذا تمثيل، لان قوة اليد بالعضد، ... ويقال في دعاء الخير: شد الله عضدك،وفي ضده: فت الله في عضدك.

(ونجعل لكما سلطانا) أي حجه وبرهانا) انتهى.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير