[مدارسة حول الاستدلال بهذه الآية في المحافل]
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[16 Mar 2007, 11:58 م]ـ
هذا سؤال حول الاستدلال بقوله تعالى: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ [التوبة/105]) في المحافل،حيث يكثر هذا،وقد سمعت بعض طلبة العلم يستدل بها في محفل خيري،ورأيتها تكتب في واجهة بعض المداخل.
وفي النفس من هذا شيء، فإن الآية لا يصح تنزيلها على مثل هذه الأحوال، لأنها في شأن المنافقين،وهو ـ كما هو ظاهر والله أعلم ـ متضمن معنى التهديد.
والسؤال: أين رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم لهذا العمل؟!
فإن كان هذا في الدنيا،فلا يصح الاستدلال بها إلا في حياته.
وإن قيل: إن الأعمال تعرض عليه! فيقال: إن العرض إنما هو ـ والله أعلم ـ لمجمل أعمال الأمة من الأحداث الكبار، لا لتفاصيل الأمور.
وإن قيل هذا يوم القيامة: فيقال: إن هذا لا يساعده السياق؛ لأن الله تعالى قال بعد ذلك: (وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).
هذا ما بدا لي ـ بعد تأمل ومذاكرة مع بعض الأفاضل ـ.
وقد سمعت شيخنا العثيمين يبدي رأيه في هذه المسألة،ولكن لا أحب أن أذكره إلا بعد أن أرى بعض المداخلات.
فماذا لدى الإخوة الأفاضل؟!
ـ[الجكني]ــــــــ[17 Mar 2007, 12:17 ص]ـ
يظهر - والله أعلم - أن الآية هي من باب الحض والترغيب للمؤمنين والترهيب للمنافقين والكافرين،وهو ما أشار إليه الشيخ ابن عاشور رحمه الله بقوله عند الآية الأولى:"وسيرى الله عملكم ورسوله " قال: فالإخبار برؤية الله ورسوله عملهم في المستقبل مستعمل في "الكناية" عن الترغيب في العمل الصالح والترهيب من الدوام على حالهم،والمراد تمكنهم من إصلاح ظاهرأعمالهم " ثم قال عند الآية المسئول عنها:"وتفريع "فسيرى الله عملكم " زيادة في التحضيض،وفيه تحذير من التقصير أو من ارتكاب المعاصي لأن كون عملهم بمرأى من الله مما يبعث على جعله يرضي الله تعالى،قال:وعطف (ورسوله) على اسم الجلالة لأنه عليه الصلاة والسلام هو المبلغ عن الله وهو الذي يتولى معاملتهم على حسب أعمالهم، وعطف (المؤمنون) أيضاً لأنهم شهداء الله في أرضه 0اهـ والله أعلم
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[17 Mar 2007, 04:51 م]ـ
شكر الله لكم ..
ثم وجدت ما يؤيد القول بالجواز، وذلك أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ـ فيما علقه البخاري،ووصله عبدالرزاق بسند صحيح ـ قالت: إذا أعجبك حسن عمل امرئ فقل {اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون}،ولا يستخفنك أحد.
هكذا رواه البخاري مختصراً،وهو عند عبدالرزاق 11/ 447 ح (20967) مطولاً من حديث عروة بن الزبير ـ رحمه الله ـ قال:
قال دخلت علي عائشة أنا وعبيد الله بن عدي بن الخيار، فذكرت عثمان:
فقالت: يا ليتني كنت نسيا منسيا!!
والله ما انتهكت من عثمان شيئا الا قد انتهك مني مثله! حتى لو أحببت قتله لقتلت!
ثم قالت: يا عبيد الله بن عدي! لا يغرنك أحدٌ بعد النفر الذين تعلم، فوالله ما احتقرت أعمال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نجم القراء الذين طعنوا في ى عثمان!
فقرأوا قراءة لا يُقرأ مثلها!
وصلوا صلاة لا يُصلى مثلها!
وصاموا صياما لايصام مثله!
وقالوا قولا لا نحسن أن نقول مثله!
فلما تدبرت الصنع إذاهم ـ والله ـ ما يقاربون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم!
فإذا سمعت حسن قول امرئ فقل: (اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) ولا يستخفنك أحد.
تنبيه: وقع في المطبوع أغلاط صوبتها من عدة مصادر،ولم أشأ التنبيه عليها حتى لا يطول الكلام.
والشاهد من هذا أن كلام عائشة رضي الله عنها صريح في جواز الاستدلال بها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
وعليه: فيمكن أن يقال: إن الرؤية هنا بمعنى العلم،وليست رؤية البصر،وأن النبي صلى الله عليه وسلّم سيرى هذه الأعمال يوم القيامة ـ أما في البرزخ فسبق الكلام فيه ـ كما أن طائفة من المؤمنين سيرونها في الدنيا والآخرة،والله أعلم.
وبعد هذا .. وبما أن الصديقة فهمت الجواز،فأنا أرجع عن الاستظهار الذي سبب طرح هذا الموضوع،وعندي أن البحث ما زال قائماً،والله المستعان.
¥