تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[علم السياق القرآني [6] (قواعد وضوابط في السياق)]

ـ[محمد الربيعة]ــــــــ[24 Feb 2007, 09:59 م]ـ

لما كان السياق أصلا عظيماً في تفسير كلام الله تعالى وبيان معناه، فقد توجه بعض الدارسين لاستخلاص القواعد والضوابط المتعلقة بالسياق من كلام المفسرين والعلماء المحققين ليكون منهجاً ثابتاً يجب مراعاته في تفسير كلام الله تعالى، ومن الكتب التي اعتنت بجمع قواعد التفسير، ومن ضمنها قواعد السياق ما يلي:.

1 - (قواعد التفسير) للدكتور خالد السبت. وقد عنى بجمع كل مايمكن إلحاقه بالتفسير من القواعد.

2 - (قواعد الترجيح عند المفسرين) للدكتور حسين الحربي. وقد عنى بكل ما يتعلق بالترجيح في التفسير من القواعد.

3 - (دلالة السياق القرآني وأثرها في التفسير من خلال تفسير ابن جرير) للشيخ عبد الحكيم القاسم. وقد عنى باستخلاص قواعد التفسير المتعلقة بالسياق من خلال تفسير ابن جرير.

وسأعرض في هذه الحلقة - بإذن الله - لأهم ما يتعلق بالسياق من القواعد مما ذكره أصحاب الكتب السابقة أو مما استخلصته خلال دراستي لسورة البقرة:

وسأقسم القواعد إلى أقسام:

القسم الأول: القواعد والضوابط العامة في السياق:

أولاً: أن السياق القرآني أصل معتبر في تفسير كلام الله تعالى.

هذه القاعدة هي أساس قواعد السياق، فأول ما يجب اعتباره في السياق أمران:

1 - أنه ثابت جار في كلام الله تعالى؛ إذ لا يخلو كلام من سياق يدل على مراد المتكلم. وهذا أمر متفق عليه.

قال الزركشي: "دلالة السياق أنكرها بعضهم، ومن جهل شيئاً أنكره، وقال بعضهم: إنها متفق عليها في مجاري كلام الله تعالى" ([1]).

2 - أنه من أعظم وأول ما يجب اعتباره في التفسير كما تقرر في مبحث منزلة السياق بين قرائن الترجيح. وقد قرر ذلك العلماء.

قال الزركشي: "ليكن محط نظر المفسر مراعاة نظم الكلام الذي سيق له، وإن خالف أصل الوضع اللغوي لثبوت التجوز" ([2]).

وقال السيوطي في الإتقان: "على المفسر مراعاة التأليف والغرض الذي سيق له" ([3]).

ثانياً: أن السياق يرشد إلى المسلك الصحيح الذي يوصل إلى فهم مراد الله تعالى في كلامه.

وهذه القاعدة من أهم القواعد المتعلقة بالسياق، وهي تبين منزلة السياق في الوصول للمعنى الصحيح الذي هو مراد الله تعالى في كلامه، وذلك لأن السياق هو الذي يجعل الكلام متناسقاً منتظماً، وهذا هو المتوافق مع كتاب الله المحكم المعجز الذي انتظمت سوره وآياته وجمله. وتفسير كلام الله على وجه يراعي انتظامه أعظم مسلك في تفسيره، وأدعى إلى الوصول لمراد الله فيه، وبضد ذلك فإن الإعراض عن السياق يجعل الكلام متنافراً منقطعة أجزاؤه مما يجعل كلام الله متنافراً، وهو الذي يوقع في الخطأ في التفسير.

قال ابن القيم رحمه الله: "السياق يرشد إلى تبيين المجمل، والقطع بعدم احتمال غير المراد، وتخصيص العام، وتقييد المطلق، وتنوع الدلالة، وهو من أعظم القرائن الدالة على مراد المتكلم، فمن أهمله غلط في نظره، وغالط في مناظرته" ([4]).

ثالثاً: أن تعيين السياق مبني على الاجتهاد والعلم بأصوله وقواعده.

السياق - كما تقرر - ثابت أصلاً في كلام الله تعالى، لكن تعيينه يختلف بحسب فهم المفسر له وقدرته على الوصول إليه بقرائن السياق المعتبرة وأركانه، فالبحث عن السياق هو بحث عن قرينة، والقرينة موجودة علمها من علمها وجهلها من جهلها ([5])، ولذا تجد الاختلاف بين المفسرين على تعيين السياق في الآية الواحدة.

وهذه القاعدة مهمة تبين لنا أنه لا يجب اعتبار السياق وتعيينه إلا بدليل ظاهر، كأن يكون السياق ظاهراً في الآية كقوله تعالى: +وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ" [الطارق 1 - 3] فالسياق هنا ظاهر متعين في بيان المراد بالطارق وأنه النجم الثاقب.

قال ابن دقيق العيد: "ودلالة السياق لا يقام عليها دليل، وذلك لو فهم المقصود من الكلام، وطولب بالدليل عليه لعسر فالناظر يرجع إلى ذوقه" ([6]).

رابعاً: لا يجوز صرف الكلام عن سياقه إلا بحجة يجب التسليم لها.

صرف الكلام عن سياقه الذي ورد لأجله لا يجوز، لكونه مخالفاً لمراد المتكلم، إلا أن يرد دليل صحيح يدل على صرف الكلام عما دل عليه السياق، كأن يثبت في الآية نسخ.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير