تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[نسقية السورة القرآنية من خلال تفسير "في ظلال القرآن" لسيد قطب]

ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[20 Mar 2007, 03:36 م]ـ

إن الدراسة النصية لتفسير " في ظلال القرآن" تكشف عن أساس منهجي التزمه سيد قطب في تفسير كل سور القرآن الكريم، مكيها ومدنيها، طويلها وقصيرها مع بعض التغييرات التي تفرضها طبيعة كل سورة من سور القرآن الكريم.

وهذا الأساس المنهجي هو ما يمكننا ان نصطلح عليه بالوحدة النسقية للسورة القرآنية، عوضا عن الوحدة الموضوعية والعضوية التي لا تفي بوصف حقيقة وواقع الخطاب القرآني كما أنها توحي بمشابهته للنصوص الأدبية والفكرية التي يبدعها أو يؤلفها البشر، ومعنى ذلك أنها لا تحفظ للنص قدسيته، وهي من كليات العقيدة الإسلامية.

ومن خلال دراستنا لتفسير " في ظلال القرآن" يمكننا ان نحدد معالم الوحدة النسقية للسورة القرآنية في ما يلي:

1 - السورة القرآنية وهي: نسق كلي ومتكامل وهي تتكون من:

I. المقاطع: وهي تشكل وحدة تصورية، أو فكرة شمولية، أو مشهدا متكاملا حسب طبيعة النص القرآني.

II. البنيات: وهي عبارة عن أفكار ثانوية، أو لقطات من مشهد.

III. العناصر: وهي متضمنة لأساسيات المعنى وحاملة لكل جزئيات السورة القرآنية، ولكل صور المشهد.

و "في ظلال القرآن" هو في الواقع محاولة جادة لقول هذا التصور النسقي، فنجد سيد قطب يفسر السورة القرآنية الكريمة تفسيرا يبين عن تناسق وانسجام عناصرها ومكوناتها، من أجل ذلك فإنه يلتزم اتباع خطوات منهجية ثابتة في تفسير كل سور القرآن الكريم.

1 - قسم سيد قطب تفسيره "في ظلال القرآن" إلى ثلاثين جزءا، يتناول في مجموعها كل سور القرآن الكريم، وذلك على الترتيب الذي جاءت به في المصحف العثماني.

2 - وضع مقدمة عامة لتفسيره شغلت حوالي ثماني صفحات (من الصفحة 11 إلى الصفحة 18).

3. باشر تفسير سورة الفاتحة، وذلك دون أن يقدم للجزء الذي يعنى بتفسيره، مما يجعلنا نشعر أنه يعتبر المقدمة العامة وتفسير سورة الفاتحة مدخلا رئيسيا لتفسيره " في ظلال القرآن" إذ ضمنها الأسس الفكرية التي قام عليها هذا التفسير. ثم شرع بعد ذلك في تناول كل جزء من أجزاء القرآن الكريم على حدة.

4 - يقدم للجزء الذي يعنى بتفسيره بمقدمة يستعرض فيها طبيعته وخصائصه، كما يحاول فيها أن يربط بينه وبين الجزء الذي سبقه، ونمثل لذلك بربطه بين الجزء الأول والجزء الثاني من سورة البقرة: «ومن مراجعة هذا الجزء بالإضافة إلى الجزء الأول من السورة ندرك طبيعة المعركة التي كان يخوضها القرآن ... » (1).

5 - يقسم سيد قطب الجزء إلى السور أو الآيات المكونة له إذا كانت السورة طويلة، وتشغل أكثر من جزء، نحو سورة البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام.

6 - السور أو الآيات المكونة للجزء تقسم إلى مقاطع، كل مقطع يتضمن مجموعة من الآيات تطول أو تقصر، والرابط بينها طبيعة الموضوع، أو ألأفكار أو الأحكام والتشريعات، أو التوجيهات والعبر والمواعظ، او المشاهد والظلال، أو الإطار القصصي، ومن ثم فإن كل مقطع يشكل وحدة تميزه عن المقطع الذي يسبقه والذي يليه، ويؤدي دورا لا غنى للسياق عنه، ولا يمكن لبناء السورة أن يستقيم بدونه، سواء من الناحية التصورية أو من الناحية الأسلوبية الجمالية.

7 - يقدم للمقطع بمقدمة يتناول فيها أهم الأفكارأو الموضوعات أو التصورات أو التشريعات، أو العبر والمواعظ التي عرضها المقطع، كما أن مقدمة المقطع تكون عبارة عن جسر يصل بين المقاطع مما يجعل السورة تشكل وحدة نسقية.

والملاحظ أن هناك تنوعا في المصطلح الذي يستخدمه سيد قطب عند مباشرة عملية تفسير السور القرآنية. ففي بعض السور، خاصة المدنية، نجده يستخدم مصطلح: المقطع - القطاع - الدرس - المشهد، وفي بعض السور المكية نحو سورة الأنعام، والأعراف، والجزء الثلاثين من التفسير، نجد مصطلحات أخرى وهي: الموجة - الموجات - اللمسة - الجولة. وهذا التغير في المصطلح له دلالته، فهو ليس عملية اعتباطية، ولا ارتجالية، وإنما هو تعبير عن اختلاف الأسلوب العام للسور القرآنية، واختلاف طريقة معالجتها لموضوعها المحوري، مما يجعل كل واحدة من السور ذات شخصية متميزة، وهذا التمايز في الشخصية يفرض تمايزا آخر في الطريقة والمنهج الذي يستخدمه المفسر وهو يباشر عملية تفسير سور القرآن الكريم. وهذا حسب

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير