[تفسير نفيس لسورة الفاتحة لمحمد بن يوسف السنوسي (ت 895 هـ)]
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[17 Mar 2007, 02:11 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه و سلم
هذا تفسير أم القرآن.
للإمام أبي عبد الله محمد بن يوسف السنوسي التلمساني الحسني (ت 895 هـ)
ترجمة الشيخ السنوسي:
هو أبو عبد الله محمد بن يوسف الحسني السنوسي به عرف، التلمساني، عالمها و صالحها فاضلها، العلامة المتكلم المتفنن، شيخ العلماء و الزهاد، و الأساتذة العباد، العارف بالله، الجامع بين العلم و العمل. أخذ عن أئمة منهم والده و أخوه لأمه علي التالوتي، و محمد بن العباس، و أبو عبد الله الجلاب، و الولي أبركان، و انتفع به أبو زيد الثعالبي وأجازه. و روى الشفا للقاضي عياض عن إبراهيم التازي.
وأخذ عنه خلق كثير نذكر منهم: الملالي، و ابن صعد، و أبو القاسم الزواوي، و ابن أبي مدين، و ابن العباس الصغير، و أبو عبد الله المقيلي، و الشيخ زروق.
للسنوسي كتب كثيرة تشهد بمكانته العلمية المتميزة: " العقائد وصغراه لا يعادلها شيء من العقائد، و هي الكبرى و شرحها، و الوسطى و شرحها، و الصغرى و شرحها، و صغرى الصغرى و شرحها. و شرح لامية الجزيري، و شرح الحوفية كبير الجرم و الفائدة، و ألفه و هو ابن تسعة عشر عاما. و المقدمات و شرحها، و شرح أسماء الله الحسنى، و اختصر إكمال الكمال للأبي على صحيح مسلم. و له مختصر في المنطق و شرحه حسن جدا، و شرح البخاري و صل فيه باب " من استبرأ لدينه ". و مشكلاته، و له مختصر التفتازاني على الكشاف، و شرح جمل الجونجي، و رجز ابن البنا في الطب، و لم يكمل شرح مختصر ابن عرفة، و الشاطبية، وجواهر العلوم للعضد في علم الكلام، و تعليق على فرعي ابن الحاجب و غير ذلك مما هو كثير.
ترجمته واسعة، أفردها تلميذه الملالي بالتأليف. ولد بعد الثلاثين وثمانمائة، وتوفي في جمادى الآخرة سنة 895 هـ.
عن كتاب: " شجرة النور الزكية في طبقات المالكية: محمد بن محمد مخلوف، ص 266، دار الفكر، بيروت، بدون طبعة و لا تاريخ ".
كما ترجم له أحمد بابا في نيل الابتهاج، ص 325/ 329.
الحمد لله و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على آله.
هذا تفسير الفاتحة باختصار عن نسخة مخطوطة بالخزانة العامة بالرباط.
(الحمد لله): معناه الحمد كله لله وحده، لأن كل كمال قديم فهو وصفُه، و كل كمال حادث فهو جُعله.
(رب العالمين): معناه جميع الحوادث المختلفة في أجناسها وأنواعها و أصنافها، و به مقاديرها وصفاتها وأزمنتها و أمكنتها، وذلك الاختلاف دليل فيها على وجوب افتقارها إلى الله تبارك وتعالى، و على وجوب وجوبه، ووحدانيته، وكمال قدرته و إرادته، و علمه وحياته، وذلك دليل على ما دل عليه قوله: (الحمد لله) كون المدح بكل كمال لله تعالى وحده، و من كونه هو المالك للعوالم، الرب لها، يجمع العالمين ليكون دليلا على ما قبله، لأن الجمع دال على الاختلاف في الدال على وجوب الافتقار إلى الرب تبارك و تعالى.
(الرحمن الرحيم): المنعم بجميع النعم الدنيوية و الأخروية الجليلة و الحقيرة، و يجب بعد رب العالمين للدلالة على أنه سبحانه إنما عامل العوالم في الغالب بمقتضى الرحمة، لا بمقتضى الغضب، و الإنس و الجن المغضوب عليهم قليلون جدا بالنسبة إلى كثرة من رحمته من العوالم السماوية والأرضية. و فيه دليل على أن نعمة صدرت منه جل و علا للعوالم، فهي بمقتضى الرحمة والفضل، لا بمقتضى الوجوب و الاستحقاق.
(مالك يوم الدين): معناه المتجرد بالحكم يوم الجزاء، و عزل بذلك اليوم جميع الحكام.
(إياك نعبد): معناه نخصك ـ يا مولاي بالطاعة، و كمال الذلة، و الخضوع على الوجه الذي بلغه رسولك، و مصطفاك سيدنا محمد ـ صلى الله عليه و سلم ـ الذي رحمت بفضلك على يده العالمين، و خلصتهم بأنوار بعثه من مهالك يوم الدين.
(إياك نستعين): معناه و منك ـ يا مولانا ـ نطلب العون على عبادتك التي هي عنوان النجاة من مهالك يوم الدين.
(إهدنا الصراط المستقيم): معناه: دلنا ـ يا مولانا ـ به إلى عبادتك على الطريق المستقيم الذي لا انحراف فيه إلى معصية، و لا بدعة و لا هوى، وأسألك ـ يا مولانا ـ أن تثبتنا حتى نلقاك.
(صراط الذين أنعمت عليهم): معناه: طريق الذين تفضلت عليهم بالهداية من النبييين والصديقين و الشهداء و الصالحين، لا طريق يعتمدون به دينهم على طريق التقبيح و التحسين.
(غير المغضوب عليهم): معناه جنبنا ـ يا مولانا ـ طريق الذين غضبت عليهم، أن حرمتهم من الهداية مع علمهم بطريقها كاليهود، والعلماء غير العاملين.
(ولا الضالين): الذين حرموا من الهداية مع جهلهم بطريقها كالنصارى، وغيرهم من الجاهلين.
إنتهى بحمد الله و حسن عونه.
¥