[الإعلام في القرآن وموقفه من شائعات السوء]
ـ[محمد كالو]ــــــــ[24 Mar 2007, 04:57 ص]ـ
[الإعلام في القرآن وموقفه من شائعات السوء]
الإعلام الإسلامي يفوق على ما يعرف اليوم بالإعلام الدولي المعاصر الذي يعاني من الاحتكاك والصراع الدولي وربما أدى هذا الصراع إلى الحرب والدمار، ويغلب عليها طابع الحرب النفسية وتحطيم الروح المعنوية لدى الشعوب الأخرى، على نحو ما يعرف اليوم من دلالات المصطلحات التي شاعت في عصرنا ـ وإن كان بعضها قد زال أو بدأ في الزوال ـ كالحرب الباردة والحرب الأيدلوجية وحرب الأعصاب والحرب السياسية وحرب القوة الفكرية وغير ذلك، أما الإعلام الإسلامي فقد أرسى قواعده على أساس الخير الشامل، وأكد على الاتصال والتفاهم بين الأمم والشعوب فقال الله تعالى:
? يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ? ().
فالإعلام الإسلامي أشمل من الإعلام الدولي بالمصطلح الاتصالي الحديث لأنه يؤكد أن الإنسانية كلها أمة واحدة فقال تعالى: ? كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ? ()
من هنا نعلم أن الإعلام الإسلامي يقوم على أساس من صلة الرحم بين بني الإنسان، وعلى أساس من التعارف والمودة والمساواة والعدالة وإقرار السلام لا العداوة والبغضاء، على نحو ما نعرفه عن الغارة الإنجليزية على (برلين) أثناء إلقاء الوزير (جورنج) خطاباً له من الإذاعة، إذ كانت أصوات القنابل الإنجليزية وهي تنفجر في سماء (برلين) تكذب ما كان يزعمه (جورنج) من أن سماء برلين لا يمكن أن تقهر، فالإعلام الدولي المعاصر مفهوم متدهور للإعلام لا يرمي إلى الإقناع بقدر ما يرمي إلى انتهاك حقوق الإنسان، فأصبح الإعلام الدولي يجعل الإنسان يعيش في فراغ وضياع، وبذلك يتجاوز الإعلام الإسلامي الإعلام الدولي المعاصر إلى الإعلام الإنساني الشامل، لأنه ينهل من الأخلاق المثلى التي وضعها الإسلام لتحقيق الخير المحض في كل زمان ومكان، وإن اختلف الناس أجناساً وقبائل، فقال الله تعالى: ? ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين ? ()
والصدق مبدأ أساسي للإعلام الإسلامي، ومن هنا كانت أهم صفة اشتهر بها النبي ? هي صفة (الصادق الأمين).
وقال رسول الله ? ((عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً)) ().
ولما سأل (هرقل) أبا سفيان ـ ولم يكن قد أسلم بعد ـ عن رسول الله ? محمد قائلاً: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟
أجابه: لا
فقال هرقل: أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله؟! ()
وهرقل هنا يمثل دور المستقبل الذي يشترط الصدق في المصدر، وكان النبي ? يؤكد على هذا المعنى الاتصالي في بدء الدعوة حينما قال للناس: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقيَّ؟
قالوا: نعم ما جرَّبنا عليك إلا صدقاً)) ().
ولا شك في أن ظهور أثر الصدق في القائم بالإعلام الإسلامي يؤثر في الجمهور المتلقي ويحمله ذلك على قبول رسالته الإعلامية واحترامها.
والصبر والثبات أيضاً من أهم صفات الإعلامي المسلم، لأن الإعلاميين والدعاة مبتلون بأذى الكفار والمارقين بالقول والكيد، قال الله تعالى: ? ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين ? ().
¥