[جمال البنا ومنهجه في التفسير (2)]
ـ[عقيل الشمري]ــــــــ[19 Mar 2007, 12:39 ص]ـ
الحلقة الأولى: جمال البنا ... ومنهجه في التفسير (1) ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=33610)
المطلب الثاني: تفسيره لبعض قضايا القرآن
هناك عدة قضايا تبناها الدكتور في كتبه، وحرف لأجلها آيات من القرآن، وابتدع تفسيرات لها من تلقاء نفسه، سأحاول أن أسلط الضوء على بعضها، ومنها:
القضية الأولى: قضية حد الردة
تبنى الدكتور في أكثر من كتاب [1] له المنازعة في حد الردة، وإنكاره ودليله في ذلك يتلخص في شيئين:
1ـ الآيات التي ذكرت الردة في القرآن لم تذكر عقوبة دنيوية، بل جعلت العقوبة أخروية.
2ـ الآيات التي دلت على التعددية على حد زعمه كما في قوله " فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر " وغيرها.
وطبيعي جدا أن الدكتور يرد الأحاديث التي قضت بالحد للمرتد كما في قوله صلى الله عليه وسلم " من بدل دينه فاقتلوه " [2] ولو كان في البخاري، لأن له ضوابط في الاحتجاج بالسنة [3]، غير صحة السند.
أما عدم ذكر الآيات التي ذكرت الردة للعقوبة الدنيوية فمتى كان إهمال القرآن للعقوبة الدنيوية يستنبط منه حكم، فما بالك إن ذكر هذا الحكم في السنة؟!! فعلى كلام الدكتور يجب إلغاء باب التعزيرات لأنه لم يذكر شيء منها في القرآن، ويلغى أيضا الرجم لإهمال القرآن له، وهو ما لم يذكر عند أهل السنة بل عند غيرهم، وقد يكون أحيانا من خصائصهم، والعلامة المميزة لهم لارتباطه بالسنة.
القضية الثانية: إنكار النسخ في القرآن
تبنى الدكتور أيضا إنكار النسخ، بل ألف كتابا اسماه " تفنيد دعوى النسخ في القرآن الكريم " [4] ولام مفسري السلف على إكثارهم من النسخ فقال: " لقد كانت قالة النسخ من أكبر الكوارث الفكرية التي انزلق إليها الأسلاف، وانطلت عليهم " ثم قال: " وعقيدتنا التي لا تتزعزع والتي انتهينا إليها بعد البحث الدائب هي أن كل الروايات والأحاديث التي تضمنت إجازة النسخ أو وقوعا له هي من الادعاءات المسموعة التي تدخل فيما أشار إليه القرآن الكريم عن أعداء الإسلام " لا تؤمنوا بهذا القرآن والغوا فيه " ثم قال: " وراجت تلك الأحاديث لسذاجة الأفهام خاصة وأن المحدثين ما كانوا يسألون عن السند قبل فتنة عثمان، وتلك الروايات ظهرت في عهد الرسول نفسه، بدليل إشارة القرآن إليها، فجازت على المحدثين الذين استعبدهم السند قلبا وقالبا " أ. هـ.
والحق أن هذا الكلام السابق يحمل في طياته الكثير من المخالفات المنهجية والعقائدية، لكني أنبه إلى أمرين:
1ـ أن الدكتور لم ينكر النسخ بناء على أنه لم يثبت أن الآية الفلانية ناسخة للآخرى، لكن لأنه لم يوافق على المبدأ من أصله حيث يرى أن هذا العمل من العلماء من تلقاء أنفسهم، وزاد الدكتور مرحلة فطعن في نياتهم، كما يعرفه من يكمل قراءة كتبه، حيث يرى أن السلف قاموا بذلك إضافة لسذاجتهم؛ كان ذلك بدافع من الحكام وترويجهم لحكمهم من خلال ألسنة العلماء الربانيين.
2ـ النسخ في عرف السلف إذا أطلق لا يحمل على النسخ عند علماء الأصول، بل هو أعم حيث يشمل التخصيص، والتقييد، والاستثناء، ورفع الحكم، بخلاف علماء الأصول حيث يخصونها بالقسم الأخير فقط، ولذلك لا عجب إن كثر النسخ في تعبيراتهم ما دام المعنى عاما.
القضية الثالثة: جهاد الطلب
أنكر الدكتور جهاد الطلب، وحاول جاهدا ومتكلفا أن يصرف الآيات الصريحة التي دلت على الأمر بذلك، وألف أيضا كتابا بذلك بعنوان " الجهاد " وعمدته في رأيه التفريق بين الآيات التي دلت على الجهاد، والآيات التي دلت على القتال حيث قال: " وجاء هذا الخطأ في الفهم بالدرجة الأولى نتيجة للخلط بين الجهاد والقتال واعتبارهما موضوعا واحدا بل وتغليب القتال على الجهاد ومعالجة الجهاد باعتباره قتالا، وهذا خطأ جسيم " [5] ا. هـ
ثم عقد فصلا كاملا عن جميع آيات القتال محاولا صرفها، والتماس الخصوصية لها، بظروف ذلك الوقت، أو درء لفتنة الكفار.
إلا أنه لما وصل لآية التوبة " ياأيها الذين آمنوا قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " التوبة (29).
¥