تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهذه الآيات العظيمة تبين عظمة أولئك المصلحين عليهم الصلاة والسلام فلم يكونوا باحثين عن مناصب أو مراكز دنيوية كما هو الشأن في كثير من دعاة الإصلاح الأرضي، ولذا كان هذا المنهج الذي قاموا به منهجاً ربانياً جاء ليحقق مصالح العباد في الدنيا والآخرة، لا كما يريد أصحاب الغرائز الدنيوية ممن يدعي الإصلاح فيريد أن يرتقي بدعوته إلى أغراضه ومآربه الدنيوية.

كما لم يكونوا ممن إذا علم غيره استكبر عليه أو استعبده بل كانوا يرون ذلك انحرافاً عن المقصد الأصلي للإصلاح والتربية والدعوة وهو طلب الأجر من الله تعالى.

وعلى هذا لا يجوز للدعاة والمربين أن يمنوا على الله أو على أحد من الناس بما يقومون به من نشر الدعوة إلى الله، أو يستكثروا جهادهم في الدعوة فمهما يقدموا فهو في جنب الله قليل قليل (5).

حلمهم عليهم الصلاة والسلام:

قال تعالى: (لقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم، قال الملأ من قومه إنا لنراك في ضلال مبين، قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين) [الأعراف: 59 ـ 61].

وهنا نتأمل في حال نوح عليه الصلاة والسلام كيف يستمع إلى قومه وهم يصفونه بما جاء ليخرجهم منه، وكيف لو كان هذا النعت موجهاً لأحد مدعي الإصلاح الأرضي، كيف سيكون الحال، ولكن نوحاً عليه الصلاة والسلام لم يزد أن دافع عن نفسه ولم يوغر هذا الكلام صدره بل ما زاد إلا نصحاً لهم وحرصاً على هدايتهم ليلاً ونهاراً سراً وجهاراً ...

وعند نقل الصورة لحال من قد ينتسب للدعوة اليوم أو العلم؛ نجد الفرق الكبير بين ذلك الخلق العظيم وبين أخلاق هؤلاء، أصبح الحديث مع البعض فضلاً عن النقد والحوار أحد الشروخات لتلك الشخصية الرفيعة!.

موافقة العمل للقول:

وهذا يتبين جلياً عند النظر في صفات الرسل المصلحين في القرآن العظيم.

يقول شعيب عليه السلام: (وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه).

وإن الناظر في سير الأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام يتعجب من تلك السيرة الأخاذة التي ـ لولا عنت المعاندين ـ تكفي في تصديق دعوتهم ورسالتهم واتباعهم، لقد كان من خصائصهم الصدق والرحمة والصبر والتواضع والحوار والإنصاف والأدب ومخالطة الناس، كل ذلك كان سجية لا تكلفاً.

وعندما نرجع إلى حالنا نرد الطرف وهو حسير، كيف أصبح المنهج الذين ندعو إليه في الغالب عبارات تردد بلا واقع نراه في أحوالنا.

إن المحزن أن نجد أن النخبة التي تُعلق بها الآمال بعد الله تعالى أصبحت لا تلتزم بمنهج الأنبياء في الأخلاق والسيرة ..

كل ذلك الحديث السابق لم يقصد به التعميم، بل المقصود مجرد الإشارة ..

والله الهادي إلى سواء السبيل ..

ــــــــــــــــ

حواشي:

(1) التحرير والتنوير: (1/ 81).

(2) مناهل العرفان: (2/ 731).

(3) تيسير اللطيف المنان: (1/ 390).

(4) تيسير الكريم الرحمن: (1/ 387). وانظر: القواعد الحسان: (30).

(5) المستفاد من قصص القرآن للدعوة والدعاة لعبد الكريم زيدان: (2/ 17).

ـ[أبو عمرو]ــــــــ[06 Mar 2007, 04:44 م]ـ

السلام عليكم

مشاركة طيبة مباركة ما شاء الله

عسى أن نستفيد ونطبق ثم نلتزم ونرجو الله الثبات لا أن نتحول عند أول احتكاك ونيأس من أول محاولة ونبرر أخطاءنا وتجاوزاتنا وسوء تعاملنا أحيانا مع أشخاص بأنهم هم من بدأ أو تكلم. فكثيرا ما ننتقد أناسا بما نحن واقعون فيه ونجد لأنفسنا المبررات ونحجرها على غيرنا، ونسمح لأنفسنا بما نمنعه عن غيرنا. فالمصلحون أطباء الأرواح وعليهم مراعاة أحوال المرض والمريض. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.

ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[18 Mar 2007, 01:58 م]ـ

جزاك الله خيراً ... آمين ...

ـ[يسري خضر]ــــــــ[19 Mar 2007, 07:59 ص]ـ

[.جزاكم الله خيرا علي هذه التذكرةالنافعة ان شاء الله

ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[16 Jun 2007, 01:29 ص]ـ

آمين ..

ـ[عبد الكريم محمد الحوصلي]ــــــــ[17 Dec 2010, 04:11 م]ـ

السلام عليكم

موضوع الإصلاح والمصلحين من المواضيع التي تشدني جداً

لأنها نواة لإصلاح الأمة

وكنت أتمنى أن أكتب رسالة الدكتوراه تحت هذا المضمون

ولكن لم يتسنى لي لأن المكتوب كثير كما يقولون

فهل ترشدني إلى اختيار بحث آخر لم يكتب من قبل فيه أحد

علماً أنني أميل إلى الدراسات القرآنية أو التفسير أو العقيدة

وجزاكم الله خيراً

ـ[مليكة]ــــــــ[17 Dec 2010, 05:23 م]ـ

كلنا دعاة ومصلحون لأنفسنا ولغيرنا وكلٌ يبدأ من نفسه ُثم من حوله , أدعو الله أن يفهم جميعنا هذا ويعلم الجميع أن الواحد منا داعية في ذاته وأن عمله مهما كان بسيطا ومهما ويوما ما سيرى نتيجة جهده ولو أننا لسنا مطالبين بالنتائج.

(إن المحزن أن نجد أن النخبة التي تُعلق بها الآمال بعد الله تعالى أصبحت لا تلتزم بمنهج الأنبياء في الأخلاق والسيرة) اقتبست هذه الجملة لأني أود أن أقول أننا او معظمنا لا نطبق الإسلام الصحيح على أفكارنا أو في ضمائرنا لكن قد طغى الأسلوب الغربي في التفكير حتى أ - ا نفكر مثلهم في أدق تفاصيل حياتنا.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير