تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فلماذا قال تعالى ربك ولم يقل الله؟ هنا تكريم آخر من الله تعالى لرسوله الكريم. فالرب هو المربي والموجه والقيم. وذكر الفاعل وهو الرب اكرام آخر فلم يقل لم تودع ولم تقلى. والرب هو القيم على الامر فكيف يودعك وهو ربك لا يمكن ان يودع الرب عبده كما لا يمكن لرب البيت ان يودعه ويتركه ورب الشئ لا يودعه ولا يتركه وانما يرعاه ويحرص عليه. واختيار كلمة الرب بدل كلمة الله لأن لفظ الجلالة الله كلمة عامة للناس جميعا ولكن كلمة الرب لها خصوصية وهذا يحمل التطمين للرسول الكريم من ربه الذي يرعاه ولا يمكن ان يودعه او يتركه ابداً.

وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى

اختلف المفسرون في معنى كلمة الآخرة فمنهم من قال انها ما هو غير الدنيا بمعنى الدار الآخرة. وقسم قال انها كل ما يستقبل من الحياة على العموم كما جاء في قوله تعالى (فاذا جاء وعد الآخرة ... ) الآخرة هنا ليست في القيامة

الآخرة في سورة الضحى جاءت مقابل الاولى ولم تأت مقابل الدنيا فلم يقل وللآخرة خير لك من الدنيا. ومعنى الآية ان ما يأتي خير لك ايها الرسول مما مضى اي من الآن فصاعداً فيما يستقبل من عمرك هو خير لك من الاولى وأكد ذلك باللام في كلمة وللآخرة. وقد حصل هذا بالفعل فكل ما استقبل من حياته r خير له مما حصل.

فلماذا لم يقل خير لك من الدنيا؟ لأنه لو قالها لما صحت إلا في الآخرة فكأنما حصر الخير في الآخرة فقط ونفى حصول الخير فيما يستقبل من حياته r وهذه الآية توكيد لما سبقها في قوله تعالى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى.

ولماذا قال تعالى (لك) ولم يقل وللآخرة خير من الاولى؟ هذه السورة وسورة الشرح هما خاصتان بالرسول r وهو المخاطب المباشر بهما ولو قال تعالى وللآخرة خير من الاولى لما صح هذا القول لانه سيكون عاما للناس جميعا وهذا ما لا يحصل وعندها ستفيد الاطلاق ولا يصح على عمومه لان بعض الناس آخرتهم شر لهم من اولاهم ولا يصح هذا الكلام على اطلاقه انما لا بد من ان يخصص المعنى وهو للرسول الكريم r بالذات ولهذا قال تعالى (وللآخرة خير لك من الاولى)

وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى

ما هي علاقة هذه الآية بما سبقها من الآيات؟

سوف دالة على الاستقبال وقد سبق ان قال تعالى وللآخرة خير لك من الاولى وهي تدل ايضا على الاستقبال وجاء ايضاً باللام في (ولسوف) واكده بنفس التوكيد باللام في (وللآخرة)

ولماذا لم يحدد العطاء بشئ ما وانما قال ولسوف يعطيك ربك فترضى؟ لقد اطلق سبحانه العطاء ولم يحدده انما شمل هذا العطاء كل شيء ولم يخصصه بشيء معين اكراماً للرسول الكريم r وتوسيعاً للعطاء وكذلك اطلق فعل الرضى كما اطلق العطاء فجعل العطاء عاماً وجعل الرضى عاماً وذكر المعطي ايضاً وهو الرب وعلينا ان نتخيل كيف يكون عطاء الرب؟ والعطاء على قدر المعطي وهذا كله فيه تكريم للرسول كذلك في اضافة ضمير الخطاب (الكاف في ربك) تكريم آخر للرسول r

لماذا اختيار كلمة (فترضى) اختيار هذه الكلمة بالذات في غاية الاهمية فالرضى هو من اجل النعم على الانسان وهو اساساً الاستقرار والطمأنينة وراحة البال فإن فقد الرضى حلت الهموم والشقاء ودواعي النكد على الانسان. وان فقد في جانب من جوانب الحياة فقد استقراره بقدر ذلك الجانب ولذا جعل الله تعالى الرضى صفة أهل الجنة (فهو في عيشة راضية) (فارجعي الى ربك راضية مرضية). وعدم الرضى يؤدي الى الضغط النفسي واليأس وقد يؤدي الى الانتحار. والتعب مع الرضى راحة والراحة من دونه نكد وتعب، والفقر مع الرضى غنى والغنى من دونه فقر، والحرمان معه عطاء والعطاء من دونه حرمان. لذا فان اختيار الرضى هو اختيار نعمة من اجل النعم ولها دلالتها في الحياة عامة وليست خاصة بالرسول الكريم r فاذا رضي الانسان ارتاح وهدأ باله وسكن وان لم يرض حل معه التعب والنكد والهموم والقلق مع كل ما أوتي من وسائل الراحة والاستقرار.

لماذا قال يعطيك ولم يقل يؤتيك؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير