تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[دروس في علم النحو للمبتدئين]

ـ[طالب نجيب]ــــــــ[12 - 09 - 2010, 05:03 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه والتابعين، أما بعد:

فهذه دروس في علم النحو كنت قد كتبتها من مدة لي وللمبتدئين أمثالي متجرداً فيها عن الرجوع إلى أي كتاب من كتب النحو في أثناء الكتابة وإنما على ما انقدح في ذهني فقط، تحريت فيها السهولة والتجديد قليلاً في الطرح، وقد كنت طرحت بعضها في أحد المنتديات على الشبكة وها أنا أعاود طرحها ثانية هنا عسى أن يستفيد منها بعض الإخوة والأخوات من المبتدئين كما ذكرت، فأرجو منكم ألاّ تبخلوا علي بالنقد والتصحيح متى ساقتكم الحاجة إلى ذلك.

ملاحظة: التزمت في هذه الدروس الترتيب الذي ارتضاه الإمام الشهير ابن آجروم في مقدمته للأبواب.

الدَّرْسُ الأَوَّلُ: فِي تَعْرِيفِ الكَلاَمِ

مُقَدِّمَةٌ:

من عادة المصنِّفين أن يبدؤوا كتبهم النحْوية بالحديث عن الكلام؛ لأنه المقصود الأساس من علم النحو الذي يبحث في الكلامات العربية من حيثُ تركيبُها الذي لا يحصل إلاّ بائتلاف هذه الكلامات، وانضمامها إلى بعضها.

فمثلاً هذه الكلمات على انفرادها: (إحالتك، الأعمال، على، وجود، الفراغ، من، رعونات، النفس)، لا يَتَشكَّلُ لنا منها كلامٌ إلاّ إذا قمنا بتركيبها، لنحصلَ على هذه الحكمة التي تقول: "إِحَالتك الأعمالَ على وجود الفراغ من رُعُونات النّفسِ".

مُلاَحَظَةٌ: من أراد أن يبحث في هذه الكلمات على انفرادها وبدون أن تكون مؤتلفة ومتركبة من حيثُ صحتُها وإعلالُها ... فعليه بعلم الصرف الذي يَبْحثُ في الكلمات العربيّة من حيثُ هذه الأحوال.

وبِهذا نعلم الفرق بين علم النحو وعلم الصرف، ونعلم أيضاً مدى احتياج علم النحْو إلى علم الصرف؛ لأنّ التركيب الذي يهتم به علم النحْو ويدرسه لا يكون إلاّ باجتماع الكلمات العربية التي في أصلها وقبْلَ تركّبِها كانت منفردة، وكانت مادّةَ عِلْمِ الصَّرف.

الفَرْقُ بَيْنَ (المَعْنَى اللُّغَوِي المُعْجَمِي) وَ (المَعْنَى الاصْطِلاَحِي النَّحْوِي):

اعلم أيّها الذكيّ أنّ للكلام معنيين: أحدهما لُغَويّ معجميّ، وثانيهما اصطلاحيّ نَحْوي، وهناك فرق بين المعنيين، ولتوضيح هذا الفرق أضرب لكم مثالاً:

ولنأخذ تعريفَ (الصلاة)، فالصلاة في أصل اللغة معناها الدعاء، وأمّا في الاصطلاح أعني عند الفقهاء فهي أقوال وأفعال مخصوصة، تفتتح بالتكبير وتختتم بالتسليم، فمعنى الصلاة في اللغة مختلف عن معناها في الاصطلاح، ولكنّ هذا الاختلاف بين المعنى اللُّغوي والاصطلاحي لا يعني عدم وجود مناسبة بينهما بل إنّ المناسبة تكون غالباً موجودة، فالصلاة سُمِّيت بذلك؛ لأنَّها تشتمل على الدعاء، وهو الجزء الغالب فيها أيضاً.

تَعْرِيفُ الكَلاَمِ فِي اللُّغَةِ:

الكلام في اللُّغة هو كلّ ما تحصل به فائدة مطلقاً، ووسائل حصول الفائدة في اللُّغة كثيرة، فقد تحصل: 1. بالألفاظ: وهي عبارة عن الأصوات المشتملة على بعض حروف الهجاء، كقولك لأحد أصدقائك تصف له كلامَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وكيف أنّه كان قليلاً لشدّة حيائه:

نزْرُ الكلام من الحياء تخاله / سَقِماً وليس بجسمه سُقْمُ

وهذه الفائدة أيضاً قد تحصل: 2. بالكتابة وبالخط ولذلك قالت العرب: "القلم أحد اللسانين" فكل ما نكتبه بأيدينا، ونخطه بأقلامنا مما هو موجود في الصحف والمجلات والكتب فهو كلام في اللُّغة، وقد تحصل الفائدة كذلك: 3. بالإشارة: كما قال الشاعر عمر بنُ أبي ربيعةَ:

أشارت بطرف العين خيفةَ أهلِها / إِشارةَ مَحْزونٍ ولَم تتكلّمِ

فأيقنتُ أنّ الطرفَ قدْ قال: مرحباً / وأهلاً وسهلاً بالحبيب المتيّمِ

فالشاعر هنا قد أثبت القول لمحبوبته في البيت الثاني بالإشارة التي فهم منها قولها: مرحباً وأهلاً وسهلاً، ونفاه عنها في الشطر الثاني من البيت الأول بالألفاظ، وقد تحصل هذه الفائدة أيضاً:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير