[إنما هو كلمات يسيرات!]
ـ[**ينابيع الهدى**]ــــــــ[25 - 09 - 2010, 09:53 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في سنن أبي داود: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يطيل الموعظة يوم الجمعة، إنما هو كلمات يسيرات.
وجدت الحديث بهذا اللفظ في جامع العلوم والحكم وبعد البحث وجدت له صيغا أخرى لكنها بـ (هي) و (هن) بدلا من (هو).
فهل يصح (إنما هو كلمات .. )؟
وإن صحّ؛ فلماذا؟
بارك الله فيكم
ـ[ناصر الدين الخطيب]ــــــــ[25 - 09 - 2010, 11:06 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أظنّ أنّ الخطأ هنا ليس في أصل الرواية وإنّما في الطباعة الإلكترونيّة
أمّا نص الحديث في سنن أبي داوود فالصحيح أنّه بلفظ "هنّ"
وهذا هو النص الصحيح:
933 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ أَخْبَرَنِي شَيْبَانُ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ السُّوَائِيِّ قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُطِيلُ الْمَوْعِظَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِنَّمَا هُنَّ كَلِمَاتٌ يَسِيرَاتٌ
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[26 - 09 - 2010, 05:56 م]ـ
فهل يصح (إنما هو كلمات .. )؟
وإن صحّ؛ فلماذا؟
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أهلا وسهلا أختي أم مالك. وأشكر أخي ناصر الدين الخطيب أبا النعيم على تنبيهه وحسن مداخلته.
وأجيب سائلا اللهَ أن يشرح صدورنا للعلم، وأن يزيدنا علما، وأن يذكّرنا ما نسينا، وأن يرزقنا الصلاح والهدى:
يجوز في العربية أن يقال:
إنما هو كلمات، ويجوز: إنما هي كلمات، ويجوز: إنما هن كلمات.
ومن حيث الإعراب فيجوز:
إنما هو كلماتٍ بالنصب، ويجوز: إنما هو كلماتٌ بالرفع.
أما إذا قيل: هي وهن، فلا يجوز إلا الرفع في (كلمات)؛ لأنها خبر عنها.
والتفصيل في ذلك:
إنه يجوز أن تحذف الجملةُ الخبريةُ، ويذكر منها المفعول المطلق ليدل عليها مثل: أنت شربًا، والتقدير: أنت تشربُ شربًا، فإعراب الجملة:
أنتَ: ضمير منفصل مبني في محل رفع مبتدأ.
وشربًا: مفعول مطلق منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره، والجملة الفعلية المحذوفة في محل رفع خبر.
، ويجوز أيضا أن يقال: أنت شربًا شربًا، ويجوز أيضا: أنت شربَ الهيمِ، وهذا كله واضح لما سبق، والهيم – زادك الله علمًا – الإبلُ العطاش.
قال سيبويه – رحمه الله - في باب ما ينتصب فيه المصدر كان فيه الألف واللام أم لم يكن فيه: " وذلك قولك: ما أنت إلا سيرًا ... فكأنه قال في هذا كلِّهِ: ما أنتَ إلا تفعلُ فِعْلا ... ولكنهم حذفوا الفعلَ لِمَا ذكرتُ لكَ " الكتاب بتحقيق عبدالسلام 1/ 335
ويريد سيبويه بقوله: " لما ذكرتُ لك " أن المفعول المطلق ناب عن الفعل بالظهور إذ تركتِ العربُ إظهارَ الفعلِ، فدلّ المعمول على العامل.
لذلك نقول في تعريب الحديث الشريف – اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد -:
إنما: مكفوفة وكافة.
هو: ضمير منفصل مبني في محل رفع مبتدأ.
كلماتٍ: مفعول مطلق منصوب وعلامة نصبه الكسرة الظاهرة تحت آخره. والجملة الفعلية المحذوفة في محل رفع خبر.
يسيرات: نعت منصوب وعلامة نصبه الكسرة الظاهرة تحت آخره.
ولو قال قائل: التقدير عندي يتكلم بكلمات، وعليه تنتصب (كلمات) عندي على نزع الخافض لم يغلط، ولكن قوله ضعيف؛ لأن نزع الخافض سماعي عن العرب. والوجهان على كلٍّ جائزان.
أما الرفع نحو: إنما هو كلماتٌ. فإعرابها - لا يخفاك - أنه مبتدأ وخبر، ولكن المشكل هاهنا أن يخبر بـ (كلمات) عن إنسان؛ فهل يصح أن يكون الإنسانُ كلماتٍ؟!
الجواب: سيبويه والنحويون يجوِّزون ذلك على سعة الكلام، ونظيره في كلام العرب كثير نحو: ليلُه قائمٌ، ونهارُه صائمٌ؛ فالليلُ لا يقومُ، والنهار لا يصومُ، ولكن العرب مما يتوسعون في هذا، ومثله قوله تعالى: " بل مكر الليل والنهار " وفي محفوظي أن سيبويه علّق على هذه الآية بقوله: " فالليل والنهار لا يمكران، ولكنّ المكرَ فيهما " وجاء نظير هذا التوسع في الشعر، وأنشد سيبويه – رحمه الله -:
ترتعُ ما رَتعَتْ حتى إذا ادّكرَتْ * فإنما هي إقبالٌ وإدبارُ
حيث جعل الشاعرُ الناقةَ بالبيت إقبالا وإدبارًا، وهذا من سعة الكلام كما مر، وللنحويين في هذا تفصيل تنكبته خشية الإطالة والسآمة.
أسأل الله أن يوفقنا للعلم النافع والعمل الصالح إنه سميع مجيب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[ابن القاضي]ــــــــ[27 - 09 - 2010, 02:24 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في سنن أبي داود: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يطيل الموعظة يوم الجمعة، إنما هو كلمات يسيرات.
وجدت الحديث بهذا اللفظ في جامع العلوم والحكم وبعد البحث وجدت له صيغا أخرى لكنها بـ (هي) و (هن) بدلا من (هو).
فهل يصح (إنما هو كلمات .. )؟
وإن صحّ؛ فلماذا؟
بارك الله فيكم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا:
الحديث في سنن أبي داود كما ذكر الأستاذ ناصر الدين الخطيب رعاه الله.
وفي جامع العلوم لابن رجب، طبعة دار الريان بلفظ: (إنما هي كلمات يسيرات).
وغالب ظني أن جملة (هو كلمات) خطأ مطبعي.
ثانيا: هذا الخطأ المطبعي في الرواية هل يمكن تخريجه لغة؟
الجواب نعم، ومن ذلك أن نقول: (إنما هو كلمات) الضمير عاد إلى "وعظه" والوعظ مفهوم من قوله"الموعظة".
ومنه أن نقول: الضمير يعود على مضاف محذوف مفهوم من السياق والتقدير: لا يطيل وقت الموعظة ... إنما هو ـ أي الوقت ـ كلمات يسيرات. وإنما قدرناه بوقت لأن الكلام حول مقدار الموعظة.
ومن ذلك أن نقول: أعاد الضمير على يوم، وأراد الجمعة، لأن عود الضمير في المتضايفين يكون على المضاف.
وأما ما ذكره الأخ عبد العزيز بن حمد العمار، أن كلمات مفعول مطلق دل على حذف جملة فعلية، فغير صحيح، لأن كلمات اسم، وليس بمصدر. وكلام سيبويه في المصدر النائب عن الجملة الخبرية.
والله أعلم وهو الموفق.
¥