تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[حروف الجر ومسألة التضمين]

ـ[القوقازي]ــــــــ[24 - 09 - 2010, 04:51 م]ـ

السلام عليكم إخواني. بينا أنا أقرأ من كتاب مسند الإمام أحمد رحمه الله إذ عثر علي حديث أشكل علي حله و عز لي فهمه و هو حديث حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن مجالد عن الشعبي سمعه من النعمان بن بشير (سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول: مثل المدهن و الواقع في حدود الله - قال سفيان مرة: القائم في حدود الله - مثل ثلاثة ركبوا في سفينة فصار لأحدهم أسفلها و أوعرها و شرها، فكان يختلف، و ثقل عليه كلما مر، فقال: أخرق خرقا يكون أهون علي و لا يكون مختلفي عليهم، فقال بعضهم: إنما يخرق في نصيبه، و قال آخرون: لا، فإن أخذوا على يديه نجا و نجوا و إن تركوه هلك و هلكوا.)

فعبارتا "فكان يختلف" و "مختلفي عليهم" هنا كناتا هما الإشكال لأن "اختلف" في أظهر المعنى يدل على عدم الإتفاق أما استعماله بحرف "على" فلا يذكر في القواميس. و لكن بعد ذلك وفقني الله لحل هذا الإشكال فتبينت أن "اختلف" الأول بقدير "إلى" يدل على التردد الى الشيء و "اختلف عليه الشيء" بمعنى أصابه و وجدت هذا المعنى في قاموس عربي إلى تركي يعتني على ذكر حروف الجر مع الأفعال كما هو معتاد في قواميس الإنكليز. و لكن من سوء الحظ لم يسلك هذا الطريق في قواميسنا ففسر جل العبارات بمسئلة التضمين النحوية فسؤلي لكم هو "هل عبارة "اختلف عليه الشيء" من باب التضمين? إن لم تكن من التضمين فلم لم تذكر في أشهر القواميس

ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[24 - 09 - 2010, 09:45 م]ـ

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أهلا وسهلا بك أخي الحبيب القوقازي.

قلتَ – أيدك الله -:

فعبارتا "فكان يختلف" و "مختلفي عليهم" هنا كانتا هما الإشكال؛ لأن "اختلف" في أظهر المعنى يدل على عدم الاتفاق أما استعماله بحرف "على" فلا يذكر في القواميس

فسؤالي لكم هو: "هل عبارة "اختلف عليه الشيء" من باب التضمين؟

الجواب:

نعم - سدد الله رأيك -. وأما عدم ذكرها في القواميس؛ فلأنها في الحديث اختلفت عما نقله العلماء عن العرب، فبحث العلماء لها عن تخريج يناسب موضعها من الحديث، ومن هنا جاءت قاعدة (التضمين).

فقوله – صلى الله عليه وسلم -: (فكان يختلف) أي يتردد. وقوله – عليه الصلاة والسلام -: (مُخْتَلَفِي عليهم) أي ترددي عليهم.

والأصل في العربية أن يقال: مختلفي إليهم كما جاء في اللسان: " وتقول: ردّه إلى منزله، وردّ إليه جوابًا. أي رجع) انظر مادة ردد.

ولكن الرسول – صلى الله عليه وسلم – عدل عن استعمال (إلى)، واستعمل (على)؛ لأن (على) تفيد الاستعلاء أي العلو، وهنا تظهر بلاغة الرسول – صلى الله عليهم وسلم - فمما سبق نعرف أن (على) في الحديث بمعنى (إلى)، وأنت خبير أن حروف الجر يقع بعضها موقع بعض كقوله تعالى: (وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل) أي وفي الليل، فحرف الجر (الباء) حل محل (في) في الآية، ومثله – أيضا – قول الشاعر أحسبه علقمة بن عبدة:

فإن تسألوني بالنساء فإنني * خبير بأدواء النساء طبيب

أحسبه هكذا أنشده. الحاصل أن قوله: (بالنساء) أي عن النساء؛ فحلت الباء مكان عن.

وللإيضاح والفائدة:

التضمين في العربية هو: إشرابُ لفظٍ معنى لفظٍ آخرَ؛ فيأخذ حكمَه. وهو من الأمور الكلية التي يتخرج عليها كثير من كلام العرب في تعبير ابن هشام – رحمه الله -.

وقد ذكر العلماء التضمين، ومنهم أبو علي الفارسي في العضديات وابن جني في الخصائص في باب الحمل على المعنى – إن لم تخني الذاكرة -، وعرض له الزمخشري في الكشاف وغيرهم كثير، وإن سموه بغير التضمين كالحمل على المعنى مثلا.

ومن أمثلة التضمين:

نقول في صلاتنا: سمع الله لمن حمده.

الأصل – زادك الله علما ومن يقرأ – أن (سمع) يتعدى بنفسه أي ينصب مفعولا به نحو: سمع محمد كلامي، ولكننا أمِرنا في الصلاة أن نقول: سمع الله لمن حمده.

فلماذا نقول: (لمن حمده)، ولم نقل: (مَن حمده)؟!

هنا أجاب العلماء بقولهم: إن (سمع) في الصلاة بمعنى (استجاب)، والفعل (استجاب) يتعدى باللام مثل: استجاب محمد لخالد.، ولهذا نقول: سمع الله لمن حمده. والأمثلة كثيرة تجدها عند ابن هشام في المغني وغيره.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير