وأما الذي ذكره النحاس، وجعله وجها في تفسير الآية؛ بل عدّه أحسنها!! وهو "أن يكون على إضمار، بمعنى (وحسبك من اتبعك من المؤمنين) " [إعراب القرآن 2/ 195].
فليس من الصواب في شيء "لدلالة الاستقراء في القرآن على أن الحسب والكفاية لله وحده". [الأضواء 3/ 416]، وقد نُسب هذا القول إلى الحسن.
بل ورد في سبب النزول أن الآية نزلت بسبب إسلام عمر (رضي الله عنه) لما كمل به المسلمون الأربعين. [لباب النقول 136].
قال ابن كثير (رحمه الله): وفي هذا نظر؛ لأن الآية مدنية؛ وإسلام عمر (رضي الله عنه) كان بمكة بعد الهجرة إلى الحبشة، وقبل الهجرة إلى المدينة؛ والله أعلم. [التفسير 3/ 344].
بل قد ساق هو نفسه في السيرة (2/ 39) قصة إعلان عمر (رضي الله عنه) إسلامه في مكة من حديث ابنه عبد الله (رضي الله عنهما) ثم قال:
"وهذا إسناد جيد قوي، وهو يدل على تأخر إسلام عمر (رضي الله عنه)، ... فيكون إسلامه قبل الهجرة بنحو أربع سنين، وذلك بعد البعثة بنحو تسع سنين، والله أعلم".
فهذا يدل على أنه كان بعد الهجرة إلى الحبشة.
وقال قبلها (2/ 33): "قلت: وهذا يرد قول من زعم أنه كان تمام الأربعين من المسلمين، فإن المهاجرين إلى الحبشة كانوا فوق الثمانين.
اللهم إلا أن يقال: إنه كان تمام الأربعين بعد خروج المهاجرين! ".اهـ.
قال ابن القيم (رحمه الله) في (الزاد 1/ 4):
"وهذا، وإن قال به بعض الناس، فهو خطأ محض لا يجوز حمل الآية عليه."؛ وقال نحوه شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية في (10/ 154)؛ بل قال في (26/ 157):
"ومن قال: إن الله والمؤمنين حسبُك فقد ضل؛ بل قوله من جنس الكفرة؛ فإن الله وحده حسب كل مؤمن به؛ والحسب الكافي". اهـ.
ودليل ذلك أن الله قال: ?وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهَ هُوَ الذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ? [سورة الأنفال (62)]؛ ففرّق سبحانه بين الحسب والتأييد، فأخلص الأول له سبحانه.
وقال سبحانه مادحا عباده: ?الذِينِ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ? [سورة آل عمران (173)]
فمدحهم سبحانه على إخلاص الحسب والتوكل له.
ونظير هذا قوله تعالى: ?وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَآ ءَاتَي?هُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللهُ سَيُؤْتِينَا اللهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلىَ اللهِ رَاغِبُونَ? [سورة التوبة (59)]
فجعل سبحانه الحسب والفضل والرغبة له مخلصات، والإيتاء له وللرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم).
وكذلك قوله تعالى:?أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ? [الزمر 36]، "فالحسب هو الكافي؛ فأخبر سبحانه أنه وحده كاف عبده، فكيف يجُعل أتباعه مع الله في هذه الكفاية؟ " [الزاد1/ 4].
وللاستزادة من هنا ( http://www.almenhaj.net/makal.php?linkid=2299)
والله أعلم بالصواب
ـ[الخلوفي]ــــــــ[29 - 09 - 2010, 10:15 م]ـ
جزاكِ الله خيري الدنيا الآخرة ايتها المباركة على التفصيل الشافي الوافي وزادكِ الله علما وفهما.
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[30 - 09 - 2010, 11:56 ص]ـ
شكرا لكم جميعا، استفدت منكم كثيرا.