إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحًا فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ وَالصَّابِؤُونَ [كذلك].
[2] قوله تعالى (إن الذين آمنوا) مصدر مؤول في محل رفع مبتدأ تقديره (المؤمنون). الصابؤون اسم معطوف على محل (إن الذين آمنوا) مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم فيكون تقدير الآية هو:
[المؤمنون] وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحًا فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ.
[3] قوله تعالى (الذين آمنوا) في محل رفع مبتدأ وما يأتى وراءه ـ ومنه الصابؤون ـ معطوف على مرفوع فيكون مرفوعا كذلك، وتكون (إن) هنا غير عاملة، أي ليست الناسخة ولكنها بمعنى نعم، ويكون تقدير الآية هو:
[نعم] الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحًا فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ.
سؤال
بغض النظر عن العلة لمجئ الكلمة مرفوعة لماذا اختلفت هذه الآية عن الآيتين التاليتين رغم تطابقهم؟
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة: 62)
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (الحج: 17)
جواب
يقال في (الصابؤون) ما قد قيل في كلمة (المقيمين) في قول الله تعالى:
(لَّكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا) (النساء: 162)
أن القضية ليست قضية (نحوية) ولكنها قضية (بلاغية) لإثارة الإنتباه وابلاغنا بأهمية تلك الكلمة، فالصابئ هو من خرج من دينه، ولعل الله تعالى أراد أن يقرع آذان المشركين والكفار بذكرها مرفوعة وسط سياق منصوب ـ وإن صحت وجوه الرفع لغويا ـ للفت إنتباههم وحثهم على الخروج من دين الوثنية إلى دين الإسلام، فجاءت السياقات الأخرى للكلمة المذكورة بصورة طبيعية ثم تم قرع آذان الكفار وغيرهم بهذا السياق الجديد أخذا في الإعتبار أن سورة المائدة هي آخر سور القرآن الكريم نزولا.
[3]
إعراب كلمة (يأتين) في قول الله تعالى
(وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) (الحج: 27)
[1] قوله تعالى (وَأَذِّن فِي النَّاسِ ... ) يحتوي على إسم محدد وهو كلمة (الناس) وهي كلمة مشتقة من (الإنس) ـ مقابل الجن ـ وذلك بلحاظ المشترك الحرفي (ا ن س). السؤال الآن هل هو: هل كلمة (الناس) ترادف كلمة (الرجال) أم تغايرها؟ وإذا كان المقصود هم الرجال فقط أي الذكور دون الإناث فلماذا لم يقل (وأذن في الرجال بالحج) بدلا من قوله (وأذن في الناس بالحج)؟ فهل خلت الآية من الحكمة وجاءت كلماتها عبثا أم أن كلامها هو الحكمة البالغة؟
[2] أين فاعل (يأتوك) في قوله تعالى (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا)؟ إن كلمة (رجالا) منصوبة والفاعل يجب أن يكون مرفوعا فأين هو الفاعل؟ الملاحظ أن لفظ (يأتوك) ليس كلمة في الحقيقة ولكنه جملة تتكون من:
- فعل مضارع معتل الآخر هو (يأتي) وهو مجزوم لوقوعه جواب لشرط (أذن) وعلامة جزمه حذف حرف العلة أي يصبح رسمه هكذا (يأت)
ـ فاعل هو (الواو) مرفوع وعلامة رفعه الضمة ومنع من ظهورها التعذر
- مفعول به هو كاف الخطاب (ك) منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
¥