وقد اختار هذا التفسير اللغوي لهذه الأفعال العبرية "موسكاتي" وزملاؤه، قال:" السمة الأولى للأفعال المهموزة هي حذف الهمزة التي تأتي بعد الحركة مباشرة، مع التطويل الناتج لصوت المد السابق في الرقعة السامية الشمالية، مثلاً من الجذر "أخذ " السامية الأصل " يأخذ" .. في العبرية: y?h?e?z يمكن أن يقدم نتيجة تطور ما يأتي: يأخذ ya’hudu، تصير y?h?uz، ثم تصير y?h?oz ، ثم تصير y?h?ez ( بالمخالفة) وهذا التطور، مع ذلك، مقصور على أفعال قليلة مع الهمزة بصفتها الصوت الأصلي الأول (أبد bd’ " يهلك" أبى by’ " يريد" و ki’ " يأكل" و mr’ " يقول و py’ " يخبز") (15) وتصريف هذه الكلمات من قبيل تصريف المعتلات بالمقابلة مع الآخر" (16).
ولكن اللغة العبرية تحتفظ بالهمز في بداية فعل الأمر، وتنطقه محققًا ????? قل، ????? كل. ووراء هذا سبب صوتي، وهو أن فاء الفعل – وهو الهمز – حذف عند دخول حرف الاستقبال – وهو الهمز أيضًا لاجتماع همزين ولكن هذا الهمز الأصلي عاد للظهور في صيغة الأمر، عند الاستغناء عن همزة الاستقبال، وحين يكون حرف الاستقبال هو الياء أوالتاء أو النون تسهل الهمز فيصير ألفًا لا ينطق وإنما تطال الحركة السابقة عليه.
ثالثًا- الأفعال التي فاؤها " هاء":
حروف المد واللين في اللغة العبرية هى ?،?، ?،?. والهاء تستعمل كثيرًا في موضع حروف المد الأخرى، إذ إن الهاء حرف رخو مهموس يستخدم للتعبير عن معانٍ مختلفة، ويراها العلماء تعويضًا ظاهريًّا عن الواو والياء في أواخر الأفعال المعتلة، فهي ليست أصلية، بل أصلها هو الواو أو الياء التي تظهر عند الإسناد.
صلة الهاء بأصوات المد معروفة تاريخيًّا في العربية وأخواتها، وقد أشار إلى شيء من ذلك ابن جني، حين قال: "لو كانت ألف " آل" بدلا من هاء "أهل" لقيل: انصرف إلى آلك، كما يقال: انصرف إلى أهلك ولقيل: آلك
والليل، كما يقال: أهلك والليل، وغير ذلك مما يطول ذكره" (17).
ومن المؤكد أن علماء العربية القدامى قد أدركوا العلاقة القوية بين الهاء والهمزة في صدارة الكلمة، ومن هؤلاء ابن جني الذي قال: "وروينا عن قطرب عن أبي عبيدة أنهم يقولون: أل فعلت؟ ومعناه: هل فعلت؟ " (18) وهذا مما يفسره التبادل الصوتي في أداة الاستفهام العبرية (?) الهاء التي يقابلها في العربية الهمزة وهل، وكذلك أداة النداء العبرية وهى الهاء، وهذه الهاء هي نفسها أداة التعريف في العبرية، مما يؤكد لدينا سهولة التبادل الصوتي بين صوتي الحنجرة (الهمزة والهاء). يقول أستاذنا الدكتور محمد بحر عبد المجيد: "يتبادل صوت الهاء مع الهمزة في اللغتين مثل هاء التعريف في العبرية وهمزة "أل" المعرفة في العربية. والهاء في الأوزان المزيدة في العبرية، والهمزة في الأوزان المقابلة في العربية. وهاء الاستفهام في العبرية والهمزة الاستفهامية في العربية" (19).
ومن المعلوم أن اللغة العبرية تعامل الفعل الذي فاؤه هاء معاملة الأفعال اليائية الفاء عبريًّا والواوية الفاء في العربية، فتحذف الهاء في المستقبل والأمر والمصدر يقال: ??????: ذهب??????: يذهب ???? اذهب ????? ذهاب، ويظهر مع المصدر التعويض بالتاء عن الهاء المحذوفة ولدى علماء الساميات احتمال قد يصل إلى درجة اليقين لدي، وهو أن أصل هذا الفعل بالواو (????) بدلاً من???? (20).
وثمة ما يشير – وإن كان الأمر يحتاج إلى إحصاء – إلى أن في العربية أفعالاً تنطق بالهاء مرة والواو مرة أخرى، وتتفق في المعنى، من ذلك: (هصص الرجل): برق عينيه، و (وصصت المرأة): ضيقت نقابها لتظهر عيناها (21) وكذلك الفعلان "هزر" و"وزر" كلاهما يدل على الضرب والغلبة، ومثله أيضًا: هزم فلان العدو هزيمة: كسر شوكته، و: وزم فلان الشيء: ثلمه، أي: كسر حرفه. والتفسير الصوتي الذي
نرتضيه هو أن المتكلمين بهذه اللغات استغنوا عن الواو في بداية الكلمة لصعوبتها، وعوض عنها بالهاء، وأجنح إلى أن هذا حدث مع الكلمات العربية (شفوي وشفهي وسنهي وسنوي)، وأمثلة هذا كثيرة بين اللغة العبرية واللغة العربية ????? =أتم، ????? (آرامية) =هناك، وهي ذات علاقة لغوية بقول العرب وتن بالمكان: ثبت وأقام به.
رابعًا - الأفعال التي فاؤها نون:
¥