تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومن تعليلاتهم الصوتية ما يقوله الثمانيني:" حروف المد واللين تتقارب وتتجانس، والحركات مأخوذة منها، فإذا ضمت الواو فكأنها واوان، وإذا انكسرت الياء فكأنها ياءان، وإذا انضمت فكأنها ياء وواو وإذا انفتحت فكأنها ياء وألف؛ لأن العرب تجري هذه الحركات مجرى هذا الحروف، فلما كانت حركة الياء والواو تؤدي إلى هذا الثقل والاشتباه قلبوهما إلى حرف يأمنون حركته. وهذا وجه حسن قوي في القياس" (27).

والصوت الأخف الذي يذهب الثقل عندهم هو (الألف) الذي صورها لنا ابن جني بأنه: "أصل المد، وأقواه، وأعلاه، وأنعمه، وأنداه. وإنما الياء والواو في ذلك محمولان عليها، وملحقان في الحكم بها" (28).

ويخيل إليَّ أن علماءنا القدامى حرصوا على أن ينصوا في قاعدتهم على تحريك الواو أو الياء، لاعتبارها من الحروف وليست من الحركات التي لا تتحرك، وما كان أيسر عليهم أن يقولوا ما يقوله المحدثون سقوط الواو وإطالة الصامت وهو الفتحة القصيرة فصارت ألفًا. وقد أساء فهمهم بعض اللغويين المعاصرين فقال: " إن قول الصرفيين بأن (قال) أصلها (قَوَل) تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفًا، وكذلك (باع) أصلها: بَيَع .. لا يسلم لهم؛ لأن الواو والياء لما تحركتا قويتا بالحركة، فأصبحت كل منهما تشبه الحروف الصحيحة، وبهذا لم تقو على قلب الواو والياء ألفًا لأن الواو والياء لا يقلبان إلا بعد إيهانهما بالسكون" (29) أقول: إن الصرفيين القدماء حرصوا على النظام الصوتي الثلاثي للكلمة، وراعوا الشبه بين المعتل والصحيح، لذا حرصوا على ذكر تحريك الواو والياء، يقويها ويقربها من الصحيح. ولكن الذي لا يمكن قبوله هو أن الواو أو الياء قلبت ألفًا دون أية ذكر للفتحة التي كانت معهما، فنحن لدينا ثلاثة مقاطع قصيرة مفتوحة هي a / ya –ba فإذا أبدلنا الياء ألفًا فأين فتحة الياء وفتحة العين؟ إن التفسير المقبول حينئذٍ هو إسقاط الياء، وتحويل الكلمة إلى مقطعين الأول منهما طويل مفتوح ( baa) والثاني كما هو مقطع قصير مفتوح.

وفي اللغة العبرية يأتي الفعل الماضي مع ضمائر الغياب في صورة ثنائية الحرف الأول منها مشكل بالقامص، والثاني آخر الفعل ساكن مثل ??? قام ??? صام، ??? نام. وحركة القامص العبرية تعادل ألف المد في العربية، بل ذهب أستاذنا الدكتور محمد بحر عبد المجيد إلى "أن العبرية كانت تثبت الألف كالعربية قبل إدخال الشكل في الكتابة العبرية، ونجد آثار ذلك في عدة مواضع في العهد القديم، مثلاً في سفر هوشع10/ 14???? " (30). وهذا ما أقره ابن بارون مركزًا على الواقع الصوتي حين قال: "الأفعال المعتلة العين متفقة في اللغتين بإبدال عين الفعل الذي هو واو أو ياء بالألف، مثل: قام، باع، ونظير ذلك ??، ??،??، إلا أن الألف عند العرب ثابتة في الخط واللفظ، وهي عندنا ثابتة في اللفظ، ساقطة في الخط، إلا في ألفاظ يسيرة شاذة لا يقاس عليها" (31). وقد ذهبت الأستاذة الدكتورة نازك إبراهيم عبد الفتاح إلى أن الأجوف في العبرية في صورة الماضي "ينتمي إلى مجموعة الأفعال ذات المقطع الواحد، وقد صار ثلاثيًّا أيضًا بتقوية العنصر الصوتي، وهو الياء أو الواو" (32).

وعندما يسند الفعل الماضي الأجوف إلى ضمائر المتكلم والخطاب وضمير الغائبات (في العربية) مثل: (قلت. قلنا. قلن – بعت. بعنا – فيغلب ضم المقطع الأول ( pu) وكسر المقطع الأول ( bi) . وقد رأى برجشتراسر أن: "مما خالفت فيه العربية اللغة السامية الأم، أن الأفعال الجوفاء، شبهت حركة ماضيها بحركة مضارعها، في مثل:"قمت" على قياس: " يقوم" و "سرت" على قياس "يسير"، والحركة في العبرية والآرامية هي الفتحة دائمًا، كما هي في الغائب، أي: قام، وسار، مثال ذلك في العبرية ???????? مضارعها ??????، ???????? مضارعها ?????? ويوجد نوع ثالث في العربية: خاف يخاف خفت، وحركة فائها بالكسرة، لأنها وزن فعل" (33).

ولكن "رايت " يتحدث عن الأصل العربي فيقول:" إذا كان حرف العلة – الواو، أو الياء – حركته الفتحة فإن حرف العلة يحذف، وتتحول الفتحة قبله إلى حركة تناسب حرف العلة المحذوف مثل:

قَوَمْتُ ? قُمْت ? سَيَرْتُ ? سِرْت

ويحدث هذا التغيير أيضا مع الواو المضمومة أو الياء المكسورة التي سبقها الحرف الأول مفتوحًا، فإن هذه الفتحة تتحول إلى الحركة التي تجانس حركة المحذوف، يقال:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير