حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ آخِذًا بِلِجَامِ دَابَّةِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا هَدَمْتُمَ الْبَيْتَ، فَلَمْ تَدَعُوا حَجَرًا عَلَى حَجَرٍ، قَالُوا: وَنَحْنُ عَلَى الإِسْلاَم؟ قَالَ: وَأَنْتُمْ عَلَى الإِسْلاَم، قلت: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ يُبْنَى أَحْسَنَ مَا كَانَ،
فَإِذَا رَأَيْت مَكَّةَ قَدْ بُعجَتْ كَظَائِمَ, وَرَأَيْت الْبِنَاءَ يَعْلُو رُؤُوسَ الْجِبَالِ، فَاعْلَمْ أَنَّ الأَمْرَ قَدْ أَظَلَّك. اهـ.
مصنف ابن أبي شيبة – 38387.
وقولك أخي الكريم: وهو خبر جيد، ليس بجيد!
فإن هذا الأثر لا يصح؛
لأن مداره على: يعلى بن عطاء العامري، عن أبيه عطاء العامري الليثي ويُقال الطائفي؛
وعطاء: مجهول.
قال أبو الحسن بن القطان عنه:
مجهول الحال. ما روى عنه غير ابنه يعلى. اهـ.
تهذيب التهذيب 7/ 196.
ومثله في بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام 5/ 664.
وقال الحافظ الذهبي:
لا يعرف إلا بابنه. اهـ.
ميزان الاعتدال 3/ 78.
وقال الحافظ ابن حجر:
مقبول. اهـ.
قلت (القائل عبد القادر مطهر):
ومعنى مقبول عند ابن حجر: أنه مقبولٌ إذا تُوْبِعَ وإلا فَلَيِّنٌ.
وقال الأخ الفاضل محمد المبارك حفظه الله تعالى:
وقوله: (بعجت كظائم)، أي: حفرت قنوات. ذكره ابن الأثير, وابن منظور, وغيرهما من أهل اللغة.
وهي تلك الأنفاق الأرضية في جبال مكة وتحت أرضها، وكذلك الأنابيب الضخمة لتمرير مياه زمزم، والتبريد الهوائي، فمثل هذا الغيبيات التي أخبر بها الصحابي الجليل لا يمكن أن تصدر إلا عن توقيف، لا عن رأي شخصي، أي أنه سمعها عن النبي صلى الله عليه وسلم.
كما في الحديث ارتفاع البناءعلى غير المعهود من قبل، و الله أعلم.
قلت (القائل عبد القادر مطهر):
ومعنى الكظائم؛ قال المرتضى الزبيدي رحمه الله تعالى:
والكظامة، بالكسر: فم الوادي، الذي يخرج منه الماء، حكاه ثعلب. وقيل: أعلى الوادي بحيث ينقطع. وأيضًا: مخرج البول من المرأة. وأيضًا: بئر بجنب بئر. وفي الصحاح: إلى جنبها بئر، وبينهما مجرى في بطن الأرض، أينما كانت، كذا في المحكم. وفي الصحاح: في باطن الوادي. وفي بعض نسخه: في بطن الوادي كالكظيمة، كسفينة، عن ابن سيده، والجمع: الكظائم.
وقيل الكظامة: القناة تكون في حوائط الأعناب.
وقيل: ركايا الكرم، وقد أفضى بعضها إلى بعض، وتناسقت كأنها نهر.
وقيل: قناة في باطن الأرض، يجري فيها الماء.
قال أبو عبيدة: سألت الأصمعي عنها، وأهل العلم من أهل الحجاز، فقالوا:
هي آبار متناسقة تُحفر ويباعد ما بينها، ثم يُخرق ما بين كل بئرين بقناة، تؤدي الماء من الأولى إلى التي تليها تحت الأرض، فتجتمع مياهها جارية، ثم تخرج عند منتهاها، فتسيح على وجه الأرض.
وفي التهذيب: حتى يجتمع الماء إلى آخرهن، وإنما ذلك من عَوَزِ الماء، ليبقى في كل بئر ما يحتاج إليه أهلها، للشرب وسقى الأرض، ثم يخرج فضلها إلى التي تليها، فهذا معروف عند أهل الحجاز.
وفي حديث عبد الله بن عمرو: إذا رأيت مكة قد بعجت كظائم، وساوى بناؤها رؤوس الجبال، فاعلم أن الأمر قد أظلك؛
أي: حفرت قنوات. اهـ.
تاج العروس من جواهر القاموس 33/ 363 - 364.
ومثلُهُ في لسان العرب 12/ 519.
وقريبٌ منه، ما جاء في غريب الحديث لابن سلام 1/ 269.
ومعنى القنوات؛ قال المرتضى الزبيدي رحمه الله تعالى:
والقناة؛ الرمح، قال الليث: ألفها واو.
وقال الأزهري: القناة من الرماح، ما كان أجوف كالقصبة.
ولذلك قيل للكظائم التي تجري تحت الأرض: قنوات.
ويُقال لمجاري مائها: القصب، تشبيهًا بالقصب الأجوف. والجمع: قنوات.
تاج العروس من جواهر القاموس 39/ 349.
وقال ابن عباس رضي الله عنه:
معنى النفق: السَرَبُ. اهـ.
تفسير ابن أبي حاتم - 7279.
وقال ابن منظور:
النفق: سَرَبٌ في الأرض مشتق إلى موضع آخر.
وفي التهذيب: له مَخْلَصٌ إلى مكان آخر.
وفي المثل: ضل دريص نفقه، أي جحره.
وفي التنزيل: فإن استطعت أن تبتغي نفقًا في الأرض. والجمع: أنفاق. اهـ.
لسان العرب 10/ 357.
وهكذا يتبين أن الكظائم غير الأنفاق!
وعليه فحتى لو صح الأثر، فإن تفسير الكظائم أخي الكريم، التي هي قنوات الماء، بتلك الأنفاق الأرضية في جبال مكة وتحت أرضها، وكذلك الأنابيب الضخمة لتمرير مياه زمزم، والتبريد الهوائي، مما لا دليل عليه!
كيف وهذا الأثر لا يصح، والله المستعان!
انتهى.
هذا والله أعلم،
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتبه: أبو أسامة عبد القادر بن عبد الله مطهر.
ـ[عبد القادر مطهر]ــــــــ[20 - 12 - 09, 04:25 ص]ـ
الاخ الفاضل عبدالقادر
لعلك تفرِّق بين الاستدلال و الاستطراد.
فكيف استدل لغوياً على الاسم و أنا أصفه بقول العامَّة.
ثم استدعي العجب بقولي: "فاعجب لتشابه اللفظين "
وسأعود للمناقشة قريبا.
وفقك الله
لقد قلتُ ما قلتُ أخي الكريم لأني رأيت عبارتك موهمةً،
للمعنى الذي أبديتُ ملاحظتي عليه،
أما وقد بينتَ مقصودَكَ من العبارة،
فإني أسحبُ ملاحظتي.
¥