والكتاب الذي أشرت إليه كثيراً ما يحيل عليه الكاتب ويحتفي به (!)، وهو موجود ولكنني لم أقرأه ..
ـ[صلاح الزيات]ــــــــ[05 - 10 - 10, 07:46 ص]ـ
ومن ذلك أيضاً:
قول الكاتب تعليقاً على حديث: "إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين"؛ فقال: (ويكون صوم رمضان عبادة من عبادات ثلاث؛ فرضها الله على الناس، هي: عبادة تؤدى كل يوم خمس مرات، وهي الصلاة، وعبادة سنوية تؤدى كصوم لشهر رمضان، وعبادة لمرة واحدة في العمر لمن استطاع إليه سبيلاً، وهي الحج، والعبادات جزء من الدين الذي يتكون من أوامر ونواهي الله التي جاءت في القرآن، ولا ميزة لأمر على آخر، أو عبادة على أخرى، كما لا ميزة للعبادات أو أي منها على أوامر الله الأخرى التي يتكون منها الدين إلا في مخيلة القصاص .. ) (1).
وكلامه هذا قد اشتمل على جملة من التناقضات والمغالطات؛ فأمَّا ما في طيِّه من التناقض –وأذكره هنا استطراداً وإلا فليس هذا مكان بحثه-؛ فإنّ الكاتب من خلال سائر كُتُبِهِ، ومن خلال كتابِهِ هذا على وجه الخصوص: يُنْكر السنة النبوية جملةً، ويرُدُّ أحاديثها دون اعتبار لأيٍّ شافعٍ في قبولها، ثم نجده هنا يعود على كل ما بناه بالهدم إذ يقول: (ويكون صوم رمضان عبادة من عبادات ثلاث؛ فرضها الله على الناس، هي: عبادة تؤدى كل يوم خمس مرات، وهي الصلاة ... ).
فمن أين للكاتب أن الصلوات المفروضة خمس صلوات؟، هل يجد في القرآن دليلاً واحداً ينصُّ نصَّاً واضحاً على كون الصلوات خمس؟، إنما الذي في القرآن الكريم: (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل) (2)؛ فهذه ثلاث صلوات، وقال: (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً) (3)، وهذه صلاتين أو ثلاث.
والاستدلال بهذه الآية على كون الصلوات خمس على طريقةِ أهل السنة والجماعة سهلٌ ظاهرٌ ميسورٌ يُراجَعُ في مظانِّه، ولكنْ على منهج الكاتب في الوقوفِ على دلالةِ القرآن الظاهرة فقط: فإنما هذه ثلاث صلوات، وربما قيل إنها صلاتان فقط؛ لأنَّ الثالثة ليس فيها سوى ذكر قراءة القرآن وقتَ الفجر فقط!، فمن أين له أنه ثلاثٌ فضلاً عن كونها خمس في كل يوم وليلة.
يقول الإمام القرطبي في تفسيره: (ذكر الله سبحانه في كتابه الصلاة بركوعها وسجودها وقيامها وقراءتها وأسمائها ... ؛ وهذا كله مجمل أجمله في كتابه، وأحال على نبيه في بيانه؛ فقال جل ذكره: "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ"، فبين صلى الله عليه وسلم مواقيت الصلاة، وعدد الركعات والسجدات، وصفة جميع الصلوات فرضها وسننها، وما لا تصح الصلاة إلا به من الفرائض وما يستحب فيها من السنن والفضائل) (4).
وقال أبو الفداء ابن كثير: (فعلى هذا تكون هذه الآية دخل فيها أوقات الصلاة الخمسة، فمن قوله: "لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ" وهو: ظلامه، وقيل: غروب الشمس، أخذ منه الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وقوله تعالى: "وَقُرْآنَ الْفَجْرِ"، يعني: صلاة الفجر، وقد ثبتت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تواترًا من أفعاله وأقواله بتفاصيل هذه الأوقات، على ما عليه عمل أهل الإسلام اليوم، مما تلقوه خلفًا عن سلف، وقرنًا بعد قرن) (5).
بل ولن يجد الكاتب بين دفتي المصحف حتى: وقت كل صلاة ابتداء وانتهاء، ولا عدد ركعات كل صلاة، ولا عدد السجدات في كل ركعة، ولا هيئاتها، ولا أركانها، ولا ما يقرأ فيها، ولا واجباتها، ولا سننها، ولا نواقضها، إلى غير ذلك من أحكام لا يمكن أن تقام الصلاة بدونها (6).
ويقول الكاتب أيضاً: (ويكون صوم رمضان عبادة من عبادات ثلاث؛ فرضها الله على الناس، هي ... وعبادة لمرة واحدة في العمر .. وهي الحج)، من أين له في القرآن الكريم ما ينصُّ نَصَّاً واضحاً على أنَّ الحج إنما يجب على المكلف مرَّة واحدةً في العمر؟.
والحقيقة أنَّ هاتين الدلالتين لا يمكن لمن أنكَرَ السنة أنْ يُثْبِتَهُمَا من القرآن الكريم نَصَّاً، وهو هنا مضطرٌّ لأحد موقفين منطقييَّن مُطَّردين:
1 - أنْ ينكر كون الصلوات خمس، وكون الحج واجباً مرة واحدة في العمر، ويكتفي بما ظهر من دلالة القرآن في هذا الباب وهو كون الصلوات ثلاث فقط، وكون الحج واجباً في وقته من كل سنة.
¥