تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قبل أن ألخص البحث وأصل إلى ذكر النتيجة، أود أن أناقش بعض أدلة الشيخ حاتم، وقد طالعت ردا للشيخ في الموضوع ذاته لأجل الحصول على مزيد من الأدلة حول المسألة فلم يزد على دليل إمامة مسلم أي دليل يذكر، والله الموفق.

أما دليل اجتناب مسلم تخريج حديث الحسن عن عمران بالرغم من المعاصرة الطويلة، فهو عند الشيخ يدل على مراعاة مسلم للقرائن سوى المعاصرة، هذه القرينة التي أخفاها ولم يوضحها هنا، هي قرينة كثرة إرسال وتدليس الحسن البصري، ولا أحد ناقش في ذلك، فكلام مسلم إنما هو في غير المدلس ذلك أن شروط الحكم بالاتصال عنده هي المعاصرة وإمكان اللقاء مع انتفاء التدليس، أما المدلس فإنه كما وضح في مقدمته لا يكتفي فيه بالمعاصرة وإمكان اللقاء بل بثبوت السماع أو اللقاء، ومادام الحسن مدلسا ولم يثبت له سماع من عمران بن حصين فالواجب هو اجتناب تخريج هذه الترجمة في الصحيح وهو ما فعله مسلم رحمه الله.

قال الإمام أحمد: لا يصح للحسن سماع من عمران بن حصين ولا من جندب ولا من أبي هريرة. وهو قول يحيى بن معين.

فظهر بهذا أن صنيع مسلم ليس من أجل القرائن التي تدور في خلد الشيخ والله أعلم.

أما الدليل الثاني: فهو إعلال مسلم لرواية باذام عن ابن عباس بالانقطاع. والظاهر أن الشيخ غفل عن شرط مهم ذكره مسلم في شروط العنعنة ألا وهو ثقة الراوي، قال مسلم رحمه الله:" كل رجل ثقة روى عن مثله حديثا وجائز ممكن له لقاؤه والسماع منه ... ".

وباذام قال فيه مسلم: اتقى الناس حديثه، والعنعنة هي إخبار ضمني بأن مصدر الكلام المحكي هو فلان الذي عنعن عنه، فإذا شك في نزاهة الراوي أدنى شك توقف في عنعنته، ولهذا اجتنبوا عنعنات المدلسين على خلاف و تفصيل ليس هذا محله، فكيف إذا كان الراوي متهما بالكذب.

قال ابن المديني، عن القطان، عن الثوري: قال الكلبي: قال لي أبو صالح: كل ما حدثتك كذب.

و قد قال الجوزقاني: إنه متروك.

و نقل ابن الجوزي عن الأزدي أنه قال: كذاب.

فإذا اتضح هذا فما رمى إليه الشيخ غير مقصود البتة في مراد مسلم وبالله التوفيق.

أما عن الدليل الثالث: فالمقصود به قرينة إدخال الوسائط وليس تباعد البلد ذلك أن البخاري علل السند الأول وهو ابن جريج عن موسى عن سهيل به بما رواه في الأوسط 2/ 33: "ثنا عبد الله ثنا محمد ثنا موسى عن وهيب عن سهيل عن عون بن الله، وذكر الحديث".

قال البخاري رحمه الله:" وهذا أولى، ولم يذكر موسى سماعا من سهيل".

وقد أسلفت في المقدمة أني سأذكر السبب الموجب لمراعاة مسلم هذه القرينة، بإذن الله تعالى.

على أن هناك فريقا من العلماء والباحثين يشكك في صحة القصة وبالله التوفيق.

فظهر بهذا أن الشيخ لم يكن موفقا فيما حاول، فكل ما دلل به اتضح أنه متعلق بشرط انتفاء التدليس، أو ثقة الراوي.

أما فهمه لكلام مسلم في المقدمة فقد خالفه فيه آخرون ولنلخص موضع الخلاف:

هل يدخل في الدلالة البينة عند مسلم قرينة تباعد البلدان، أم أن مقصوده هو تلك التي يستحيل معها تماما السماع أواللقاء؟ ظاهر كلام مسلم وصنيعه في الصحيح يدل على الثاني فقد ثبت بالدليل أن مسلما احتج بأحاديث معنعنة وفيها رواة بلادهم متباعدة ولم يثبت بينهم لقاء ولا سماع، يستطيع الباحث أن يصنفها إلى صنفين:

صنف هي من قبيل الشواهد والمتابعات.

وصنف آخر هي من قبيل الأصول، وهي التي تهمنا وأذكر منها إضافة إلى ما ورد على لسان الشيخ خالد الدريس سابقا حديثين:

الأول: خرج مسلم في صحيحه (3831): من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن المقداد، حديثا مطولا أوله: أقبلت أنا وصاحبان لي وقد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجهد فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس أحد منهم يقبلنا فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فانطلق بنا إلى أهله، الحديث.

وقد سئل ابن معين عن سماع ابن أبي ليلى من المقداد فقال: لا أدري.

وجزم في مكان آخر بعدم سماعه منه، وعبد الرحمن كوفي، والمقداد مدني.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير