ـ[أبو القاسم البيضاوي]ــــــــ[02 - 10 - 10, 12:16 ص]ـ
ثانيا: العنعنة و هي رواية الحديث بصيغة: فلان عن فلان من غير بيان للتحديث و الإخبار والسماع، و مذهب جماهير أهل الحديث و الفقه و الأصول، أنه متصل بشرط أن لا يكون المعنعن مدلسا، و بشرط ثبوت اللقاء بين الراوي و المروي عنه بالعنعنة
بارك الله فيك أخي الكريم ,
1 - العنعنة ليست هي التدليس فالتدليس , بل نوع من التدليس هو اسقاط الراوي للواسطة بينه وبين شيخه في الاسناد , و التدليس أعم من هذا بكثير وليس كله يقتضي رد رواية صاحبه , كما هو مذهب المتأخرين.
2 - بالنسبة لقولك جماهير أهل الحديث ففي هذا نظر , وليس هذا صحيحا إلا إذا كنت تعني بقولك ذاك جماهير أهل الحديث من المتأخرين , فغالب المتقدمين في مسألة التدليس على ما قعده الامام طبيب العلل علي بن المديني 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - من أن رواية المدلس بالعنعنة مقبولة إلا أن يكون الغالب عليه التدليس , قال يعقوب بن شيبة السدوسي: ((سألت علي بن المديني عن الرجل يدلس أيكون حجة فيما لم يقل: حدثنا، قال: إذا كان الغالب عليه التدليس فلا حتى يقول: حدثنا)). اهـ «الكفاية» (ص362) , وهذا معلوم عند من له عناية باستقراء كتبهم و عناية بتصحيحاتهم و تضعيفاتهم , فالامام أحمد و ابن المديني و البخاري و مسلم و الائمة الحفاظ يصححون لابن جريج وإن عنعن , ولهشيم و قتادة و أبي الزبير و الاعمش و ابي اسحاق و غيرهم من الحفاظ الكبار الذين كانوا يدلسون , ولا يعلون حديثهم بالعنعنة إذ العنعنة لا تعني = التدليس , فلا يعلون حديثهم حتى يثبت أنهم دلسوا ذاك الحديث بالتحديد , أو أن فلانا لم يسمع من فلان إلا حديث أو حديثين , فغالب روايته عنه مدلسة ... و هكذا , أما أن تأتي لحديث فبمجرد أن تنظر لإسناده فترى قتادة عن أنس أو الاعمش عن ... , فتعله بالعنعنة!!! فهذا جناية على حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم , ولا تبرأ ذمة من يفعل هذا أبدا , و الله المستعان.
ـ[عزالدين المعيار الإدريسي]ــــــــ[02 - 10 - 10, 05:58 ص]ـ
في البداية لا يسع المرء إلا أن يسر بمثل تعليق الأخ البيضاوي لأن المهتمين بهذه الجوانب من علم الحديث و مصطلحه أو بتعبير آخر المعتنين بالدراية يعدون اليوم على رؤوس الأصابع فحيا الله الأخ الكريم و شكر له سعيه لمناقشة هذه الأمور و إغناء البحث فيها
أما فيما يتعلق بما جاء في مشاركته فأنا لم أقل إن العنعنة تدليس و لكن الذي قلت بشرط أن لا يكون المعنعن مدلسا و من المعلوم أن أحد قسمي التدليس هو أن يروي الراوي عمن عاصره ما لم يسمع منه موهما سماعه قائلا: قال فلان أو عن فلان ...
أما فيما يتعلق بقول جماهير أهل الحديث فأصل هذا الكلام من شرح النووي على صحيح مسلم و تداولته كثير من كتب المصطلح و نصه:" فصل في الإسناد المعنعن: و هو فلان عن فلان قال بعض العلماء: هو مرسل و الصحيح الذي عليه العمل و قاله الجماهير من أصحاب الحديث و الفقه و الأصول انه متصل بشرط أن يكون المعنعن غير مدلس ... " و مثله في ألفية العراقي مع التبصرة و التذكرة و غير ذلك
وتردد على ألسنة و أقلام كثير من المعاصرين
يقول الدكتور نور الدين عتر في كتابه " منهج النقد في علوم الحديث ":
" و الصحيح الذي عليه العمل التوسط فيه و أنه من الحديث المتصل، ذهب إلى هذا جماهير الأئمة من أهل الحديث و غيرهم ... و ادعى أبو عمر بن عبد البر و الداني إجماع أهلب النقل على ذلك
لكنهم اشترطوا لكي يحكم للمعنعن بالاتصال شرطين:الأول أن يثبت لقاء الراوي لمن روى عنه بالعنعنة، و الثاني:أن يكون بريئا من وصمة التدليس"
أما موقف ابن المديني و البخاري و غيرهما من الإمام مسلم في عدم اشتراط اللقاء بينهما و الاكتفاء بإمكان ذلك فقد أطال فيه القول النووي في شرح صحيح مسلم مما لا يتسع المقام لبسطه وأكتفي في هذا السياق بكلمة مختصرة للدكتور محمد أديب صالح في كتابه "لمحات في أصول الحديث ":
"و مما يؤيد المذهب المختار و هو الذي عليه ابن المديني و البخاري و غيرهما أنه بجانب اشتراط أن لا يكون الراوي مدلسا، يلاحظ أنه إذا ثبت التلاقي بين الراوي و المروي عنه غلب على الظن الاتصال حتى يظهر خلاف ذلك "
إذا اتضح هذا فليس بيننا و بين أطباء الحديث وأئمته اختلاف و الله أعلم
¥