ـ[أبو القاسم البيضاوي]ــــــــ[02 - 10 - 10, 08:00 م]ـ
بارك الله في الاخ عز الدين وجعلنا و إياه عزا لهذا الدين , اللهم آمين.
أما بخصوص ما قلته أخي الكريم , فلا شك أن مثل هذه القضايا وخصوصا قضية التدليس مما لا يمكن أن يقال عنها أن الجميع متفق فيها على نفس المذهب والواقع يكذب ذلك , و الذي تعقبتك عليه أخي الكريم هو قضية اشتراط أن لا يكون الراوي مدلسا!! هكذا على الاطلاق , فهذا غير صحيح , وقد ذكرت لك نص ابن المديني وهو الصحيح في هذه المسألة وقد حدد لنا الامام ابن المديني في ذاك النص صفة المدلس الذي لا تقبل عنعنته ألا وهو (الذي غلب عليه التدليس) وليس كل من وصف بالتدليس ترد عنعنته أو يتوقف فيها!! , فهاهو الاعمش رواياته بالعنعنة تملئ الصحيحين , وقد رمي بالتدليس فهل نرد عنعنته أو نتوقف فيها؟؟!! , بل سفيان الثوري قد رمي بالتدليس فهل رد الائمة المتقدمون رواياته بالعنعنة؟؟!! لا , فإن الضابط في هذه المسألة هو أن يغلب على الراوي التدليس لا أن يوصف بالتدليس!!
ثم إن التدليس ليس نوعا واحدا بل أنواع , وليس كل من قال فيه الائمة ((مدلس)) قلنا أن هذا التدليس من قبيل رواية الراوي عن من لقيه, وسمع منه, وروى عنه مالم يسمعه منه , فهذا غلط قال الشيخ الحافظ المحدث سليمان بن ناصر فرج الله عنه: ((والمدلَّس في اصطلاح الأئمة المتقدمين ليس على معنىً واحد, ولا على اصطلاح متفق عليه, فلا نعطي الكلمة حكماً واحداً, فلها معانٍ متعددة بصريح عباراتهم, ومفهوم كلامهم. فإذا جاء عن أحد من الأئمة وصف حافظ بالتدليس, فلا نعطيه وصف التدليس المعروف عند المتأخرين, وهو رواية الراوي عمن لقيه وسمعه ما لم يسمعه منه, وحين نصنع هذا نجني على الأحاديث, ونجني على الرواة)) اهـ
و أنقل لك أخي الحبيب كلاما نفيسا للشيخ المحدث حقا سليمان بن ناصر العلوان ثبته الله على الحق حيث قال في شرحه لموقظة الذهبي في المصطلح:
((الرواة المتهمون بالتدليس على قسمين:
القسم الأول: من كثر تدليسه, واشتهر به, وكان غالباً عليه, فهذا لا يُقبَل حديثه حتى يصرح بالسماع, وهذا ولله الحمد لا يُعرَف عن أحد من الأئمة الثقات, ولا يوجد هذا النوع إلا فيمن قيل عنه أنه سيء الحفظ, أو ضعيف, أو صدوقٌ مختلف فيه, كبقية بن الوليد, والحجاج بن أرطاة, ونحو هؤلاء.
وقد سُئِلَ علي بن المديني رحمه الله تعالى عن الرجل يدلس, أيكون حجة فيما لم يقل فيه: حدثنا؟ فقال رحمه الله: إذا كان الغالب عليه التدليس فلا, حتى يقول: حدثنا.
مفهوم هذا أنه إذا كان مقلاًّ, فلا تؤثر عنعنته على الإسناد والحديث.
القسم الثاني: من قلَّ تدليسه, أو دلَّس عن ثقة, فحكم حديثه الصحة, وتُقبَل عنعنته)) ... ثم قال: ((ولم يكن أحد من أئمة السلف يعل أحاديث الأكابر كالحسن البصري أو قتادة بمجرد العنعنة, كصنيع كثير من المتأخرين, يقولون: " فلان ثقة, وهو مدلس, وقد عنعن, فلا يُقبَل حديثه " , وهذا غلط , وهذا يعني تضعيف أحاديث كثير من الأئمة, وإن كان بعضهم لا يلتزم هذا المنهج, يُعَبِّر عن الشيخين دون غيرهما, ويصحح بعض الأحاديث, لأنه لا يتجاسر على تضعيفها بمجرد العنعنة)) اهـ.
و قال المحدث الشيخ عبد الله السعد ثبته الله: ((ولذلك قال يحيى بن معين عندما سأله يعقوب بن شيبة عن المدلس أيكون حجة فيما روى، أو حتى يقول: حدثنا وأخبرنا، فقال: لا يكون حجة فيما دلس. اهـ من «الكفاية» (ص: 362)، يعني إذا دل الدليل على أنه دلس في هذا الخبر لا يحتج به، وليس حتى يصرح بالتحديث. ولذلك قال يعقوب بن سفيان في «المعرفة» (2/ 637): (وحديث سفيان وأبي إسحاق والأعمش ما لم يعلم أنه مدلَّسٌ يقوم مقام الحجة) اهـ.))
فمن كان له عناية , و إدمان و سبر لكلام و منهج الائمة المتقدمين لا يشك في هذا , و الله أعلم.
ـ[عزالدين المعيار الإدريسي]ــــــــ[02 - 10 - 10, 11:52 م]ـ
بارك اله في الأخ أبي القاسم على هذه العناية الفائقة بهذه النقطة مع الإشارة إلى أننا لم نحتلف و لا شك أن الأمر ليس على الإطلاق و إنما كان من تمام الإحاطة بالحديث من حيث الصناعة الحديثية أن نشير إلى هذه الأمور لوجود هشيم بن بشير ـ و هو ثقة ـ في سنده و قد قال الذهبي: كان مذهبه جواز التدليس بعن و نقل الحافظ ابن عبد البر ـ في ذهاب هشيم إلى التدليس ـ عن أبي عيسى الترمذي قال: حدثنا حسين بن مهدي البصري حدثنا عبد الرزاق حدثنا ابن المبارك قال: قلت لهشيم: مالك تدلس و قد سمعت كثيرا؟ قال: كان كبيران يدلسان: الأعمش و الثوري .... " و الحديث ذو شجون وفيما تفضلت به ـ أخي مشكورا ـ ما يضيء جوانب من هذا الموضوع و نعود بعد هذا لمواصلة استعراض مختلف المذاهب و الاختيارات في المقصود بالغرب في قوله صلى الله عليه و سلم:" لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة "
¥