تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا يبرر طلب محمد أركون بقراءةِ الفكر الإسلامي من جديد -حسَب زعمه- قراءةً علمية، وإخضاعِ القرآن الكريم لمحكِّ النقدِ التاريخيِّ المقارن ([16] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn16)).

والناظر في مفهوم الحداثة يعلم أنها منهج يؤمن بما ينطق به الإنسان في اللحظة الآنية، تاركة وراءها كل قدم، وهادمة لكل ما هو موروث، وهذه اللحظة الآنية سرعان ما نتقضي ويحل محلها مرحلة أخرى تهدمها، وهكذا دواليك ... ، فإن الحداثة لا تؤمن بنتائجها، ولا تعتمد أي قواعد وثوابت تقوم عليها؛ لذلك –وعلى مدى السنين- بقية الحداثة هلامية التعريف متغيرة المناهج، سريعة التحول والتأثر بتغير الفكر الإنساني وتأخذ لون الواقع التي تعاينه كما يأخذ الكأس لون الشراب الذي يملؤه؛ فكلما تغير الواقع من مكان لآخر ومن زمان لآخر فإنها تغير مناهجها تبعاً لذلك، فضلاً عن تفسير هذه المنهجية عند كل ناقد بحسب منطقه، ومدى تأثر ثقافته وفكره بالشرق أو الغرب.

وعلى ذلك يمكننا أن نوصّف الحداثة بأنها "منهج فكري أدبي علماني، مبني على عدة عقائد غربية ومذاهب فلسفية، يقوم على الثورة على الموروث ونقده وتفسيره بحسب وجهة نظر القارئ".

وتهدف الحداثة إلى إلغاء مصادر الدين، وما صدر عنها من عقيدة وشريعة، وتحطيم كل القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية بحجة أنها قديمة وموروثة لتبني الحياة على الإباحية والفوضى والغموض، وعدم المنطق، والغرائز الحيوانية، وذلك باسم الحرية، والنفاذ إلى أعماق الحياة ([17] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn17)).

ولتوضيح شمولية هذا الفكر الحداثي، وأنه لا يقتصر على الشعر واللغة فحسب، بل يتعدى ذلك إلى آي القرآن والحديث النبوي، نتأمل قول الكاتبة الحداثية خالدة سعيد في مقال لها بعنوان (الملامح الفكرية للحداثة)، تقول: "إن التوجهات الأساسية لمفكري العشرينات، تُقدم خطوطاً عريضة تسمح بالقول: إن البداية الحقيقية للحداثة من حيث هي حركة فكرية شاملة، قد انطلقت يومذاك، فقد مثَّل فكر الرواد الأوائل قطيعة مع المرجعية الدينية والتراثية كمعيار ومصدر وحيد للحقيقة، وأقام مرجعين بديلين، العقل والواقع التاريخي، وكلاهما إنساني، ومن ثمّ تطوري" ([18] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn18)).

فالحداثة –على ذلك- خلاصة لمذاهب خطيرة ملحدة، ظهرت في أوروبا كالمستقبلية ([19] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn19)) والوجودية ([20] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn20)) والسريالية ([21] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn21)) وهي من هذه الناحية شر؛ لأنها إملاءات اللاوعي في غيبة الوعي والعقل، وهي صبيانية المضمون، عبثية في شكلها الفني، تمثل نزعة الشر والفساد في عداء مستمر للماضي والقديم، وهي إفراز طبيعي لعزل الدين عن الدولة في المجتمع الأوروبي، ولظهور الشك والقلق في حياة الناس مما جعل للمخدرات والجنس تأثيرهما الكبير ([22] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn22)).

المبحث الثاني: نشأة الحداثة ومراحل تطورها:

أولاً: نشأة الحداثة عند الغرب:

يُعد مصطلحا (الحداثة) و (ما بعد الحداثة) ( Postmodcrnism أو Postmodernity) بفرعيه من أهم المصطلحات التي شاعت وسادت منذ الخمسينيات الميلادية من القرن الماضي عند الغرب، ولم يهتد أحد بعد إلى تحديد مصدره بدقة ([23] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn23)).

إلا أن أول المذاهب الأدبية الفكرية ظهوراً في الغرب: "الكلاسيكية" التي تتحدث عن النمطية والجمود، ثم جاءت "الرومانسية" فكانت ثورة وتمرداً على الكلاسيكية، وادعت أن الشرائع والتقاليد والعادات هي التي أفسدت المجتمع، ويجب أن يجاهد في تحطيمها، ثم المدرسة "الواقعية" التي تطورت إلى "الرمزية" التي كانت الخطوة الأخيرة قبل الحداثة التي وصلت في الغرب شكلها النهائي على يدي الأمريكي اليهودي عزرا باوند، والإنجليزي توماس إليوت ([24] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn24)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير