تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهكذا انتهت الحداثة إلى الجمع بين عدة مناهج غربية، فمن شيوعية مادية إلى دارونية تقول: "بأن أصل الإنسان قرد"، وميثولوجية تنكر أن يكون الأصل في الأديان التوحيد، وأن الإنسان الأول ما لجأ إلى التدين إلا لجهله بالطبيعة وخوفه منها، حين لم يستطع أن يواجهها بالتفسير العلمي الصحيح -زعموا-.

ويقول علي الغامدي في مقالة تحت عنوان (الشعر الحديث كمصطلح) متأثراً بالنظريات الغربية: "ومهما يقال إن تلك المصطلحات منقولة من الغرب، حيث كانت صدى لما كان عليه القرن التاسع عشر، إلا أن لها شمولها الإنساني وصياغتها العالمية التي تناسب كل لغة، ومن هذه المصطلحات على سبيل المثال: الدارونية، والتي تعتبر كشفاً لتطور بعض جوانب الكائن الإنساني، وكذلك العلوم الميثولوجية تعد كشفاً لأصول العقائد!، وهذه المصطلحات في جملتها تفصح عن منهج جديد واضح ومحدد، يستلهم العقل والتجربة في ربط المقدمات بالنتائج، والعلة بالمعلول" ([25] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn25)).

ثانياً: نشأة الحداثة العربية ومدى تأثرها بالغرب:

إن الحداثة -في أصلها ونشأتها- مذهب فكري غربي، ولد ونشأ في الغرب، ثم انتقل منه إلى بلاد المسلمين، نتيجة للملابسات التاريخية التي عانى منها المسلمون في القرن العشرين، من سقوط لسيادتهم، واستعمار بلدانهم، وتوالي الهزائم الفكرية والنكسات العسكرية عليهم أمام الغرب، وفشل التيارات العلمانية، والرأسمالية، والاشتراكية الشيوعية وغيرها في تحقيق ما وعدت به من شعارات التنمية والتحرر، الأمر الذي أجبر العلمانيين على إعادة النظر في أساليب العمل والنضال السابق.

ولا شك أن الحداثيين العرب حاولوا بشتى الطرق والوسائل أن يجدوا لحداثتهم جذوراً في التاريخ الإسلامي، محاكاة لما فعله الغرب في إرجاع حداثتهم إلى الثورة اللوثرية، فما أسعفهم إلا أن استشهدوا إما بملحد أو فاسق أو ماجن؛ كالحلاج، وابن عربي الصوفيين، وبشار، وأبي نواس، وابن الراوندي، والمعري، والقرامطة، وثورة الزنج ([26] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn26))، لكن الواقع أن كل ما يقوله الحداثيون هنا، ليس إلا اجتراراً لما قاله حداثيو أوروبا وأمريكا، ورغم صياحهم ومناداتهم بالإبداع والتجاوز للسائد والنمطي -كما يسمونه عندهم- إلا أنه لا يطبق إلا على الإسلام وتراثه، أمّا وثنية اليونان وأساطير الرومان وأفكار ملاحدة الغرب، حتى قبل مئات السنين، فهي قمة الحداثة، وبذلك فهُم ليسوا إلا مجرد نقلة لفكر أعمدة الحداثة في الغرب مثل: إليوت، وباوند، وريلكة ولوركا، ونيرودا، وبارت، وماركيز ([27] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn27)).

وهكذا نمت الحداثة –بداية- في البيئة الغربية، وكانت إحدى مراحل تطور الفكر الغربي، ثم نقلت إلى بلاد العرب صورة طبق الأصل لما حصل في الغرب، ولم يبق منها عربي إلا الحروف المكتوبة.

وقد توالت الاعترافات من منظري الحداثة بذلك، فهذا محمد برادة يكتب مقالاً بعنوان "اعتبارات نظرية لتحديد مفهوم الحداثة" يؤكد فيه بأن الحداثة مفهوم مرتبط أساساً بالحضارة الغربية وبسياقاتها التاريخية وما أفرزته تجاربها في مجالات مختلفة، ويصل في النهاية إلى أن الحديث عن حداثة عربية مشروط تاريخياً بوجود سابق للحداثة الغربية وبامتداد قنوات للتواصل بين الثقافتين ([28] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn28)).

وهكذا وصفه غالي شكري بقوله: "وعندما أقول الشعراء الجدد، وأذكر مفهوم الحداثة عندهم …. أتمثل كبار شعراء الحركة الحديثة من أمثال: أدونيس، وبدر شاكر السياب، وصلاح عبد الصبور، وعبد الوهاب البياتي، وخليل حاوي …. عند هؤلاء سوف نعثر على إليوت، وإزرا باوند، وربما على رواسب من رامبو، وفاليري، وربما على ملامح من أحدث شعراء العصر في أوروبا وأمريكا، ولكنا لن نعثر على التراث العربي" ([29] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn29)).

المبحث الثالث: القواعد الحداثية في التعامل مع نصوص الصحيحين:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير