تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

باعتبارهما أصح كتابين تضمنا سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

والأعجب من ذلك ما اعتبره محمَّد شحرور من أن هذه المقولة من أكبر المغالطات، حيث جاء في أصوله الجديدة: "يقولون: صحيح مسلم وصحيح البخاري!، ويقولون: إنهما أصح الكتب بعد كتاب الله!، ونقول نحن: هذه إحدى أكبر المغالطات التي ما زالت المؤسسات الدِّينيَّة تُكره الناس على التسليم بها تحت طائلة التكفير والنفي" ([34] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn34))، وهذا أمر متوقع خروجه منه، فمن تحدّث بغير فنه أتى بالعجائب، فلو أن الجابري وشحرور وغيرهما، تكلموا في قواعد الجرح والتعديل، ومنطقية الحكم على الأحاديث بالصحة أو الضعف، لكان خطاباً علمياً خاضعاً للأخذ والرد، إلا أن مصادر تفكيرهم، ومنابع عقائدهم تناقض ذلك.

ولا يناقض استنكارنا لهذا ما يقول به كثير من أهل العلم من الاستدراك على البخاري ومسلم، وما تم انتقاده وفق شروط علم الحديث والعلل المعروفة، إلا أن هناك فرقاً بين ما يكون استدراكاً، وما يُحمل على محمل التشكيك في منهج صاحبي الصحيح من التثبت في نقل الحديث.

القاعدة الثالثة: مساواة درجة أحاديث الصحيحين مع غيرها:

من أخطر ما وقع فيه الحداثيون إدراج أحاديث الصحيحين ضمن الحكم العام للسنة؛ إذ إنه من المتفق عليه بين المحدِّثين أنَّ السُّنَّة المنقولة إلينا ليست كلها صحيحة، وهو ما استدعى تأسيس جملة من العلوم الباحثة في الحديث سنداً ومتناً. إلاَّ أنَّ الحداثيين ذهبوا إلى أبعد من ذلك، وسحبوا هذه القاعدة على أحاديث الصحيح، وتجريدها من أهم خاصية تحملها ([35] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn35))، متجاهلين أو متناسين ما أسسه علماء الحديث من مختلف علوم الإسناد والمتن؛ كعلم مختلف الحديث، وعلم نقد الرجال، والجرح والتعديل، وتاريخ الرواة، وعلم تأويل مشكل الحديث، والناسخ والمنسوخ، ومعرفة غريب الحديث وعلله، ومعرفة الموضوعات، وكشف حال الوضاعين، وعلم أصول الرواية، وغيرها من الفنون التي إن دلت على شيء فإنما تدل على أنه لم يلق خطاب أو نص تاريخي من الرعاية والتثبت مثل ما لقيت نصوص الصحيحين خصوصاً باعتراف الغرب أنفسهم ([36] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn36)).

وأن هذه الرعاية التي حظيت بها نصوص الدين الإسلامي لم يحظ بها أي نص آخر سواء في نصوصهم المقدسة أو الأدبية الثقافية، لكن بالرغم من هذه الرعاية الفائقة إلا أن هذه العلوم –في نظرهم- ما تجاوزت حدّاً أكثر من أن تكون "مماحكات جدالية تقليدية، ولا تشكل دراسة علمية حول الموضوع"، بل تحتاج إلى "إقامة مقارنة كلية بين إسنادات السنة والشيعة والخوارج" والنظر في صحتها "بوساطة الوسائل الحديثة للتفحص والبحث العلمي (الحاسوب)، ثم بواسطة النقد التاريخي" ([37] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn37)).

وقد حمّل الحداثيون الحس والعقل مسؤولية الحكم على قبول أحاديث الصحيحين وغيرهما بدلاً من تلك العلوم، واشترطوا تواترها، يقول حسن حنفي: "والحقيقة أنَّ الدليل النقلي الخالص لا يمكن تصوره لأنه لا يعتمد إلاَّ على صدق الخبر سنداً أو متناً، وكلاهما لا يثبتان إلاَّ بالحس والعقل طبقاً لشروط التواتر" ([38] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn38)).

ثم ما فتئ إلا أن تناقض فقال: "وبالتالي فإنَّ الحجج النقلية كلها ظنية حتى لو تضافرت واجمعت على شيء أنه حق لم يثبت أنه كذلك إلاَّ بالعقل" ([39] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn39)).

إذ إنه في هذه الفقرة يحدد المنهج الذي تثبت به حجية الدليل النقلي ألا وهو التواتر المبني على الاستقراء التام المفيد للقطع حسب ما اتفقت عليه كلمة المناطقة والفلاسفة قديماً وحديثاً، وبالتالي يصبح التضافر أو الاستقراء هو الدليل العقلي في حد ذاته فلا يحتاج إلى العقل مرة ثانية لإثبات معقوليته وإلاَّ لزم الدور.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير