تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهو يرى أن الحديث هو جزء من التراث الذي يجب أن يخضع للدراسة النقدية الصارمة لكل الوثائق والمواد الموروثة كما يسميها ([45] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn45))، ثم يقول: "وبالطبع فإن مسيرة التاريخ الأرضي وتنوع الشعوب التي اعتنقت الإسلام - قد خلقت حالات وأوضاعاً جديدة ومستحدثة لم تكن متوقعة أو منصوصاً عليها في القرآن ولا في الحديث، ولكي يتم دمجها وتمثلها في التراث فإنه لزم على المعنيين بالأمر أن يصدقوا عليها ويقدسوها إما بواسطة حديث للنبي، وإما بواسطة تقنيات المحاجة والقياس" ([46] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn46)).

وهكذا شككوا في تدوين السنة، إذ هي في الخطاب الحداثي، وقراءته التفكيكية لأصوله "مجموعات نصية مغلقة" ذات بنية "تيولوجية ([47] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn47))- أسطورية" حسب تعبير أركون قد خضعت "لعملية الانتقاء والاختيار والحذف التعسفية التي فُرضت في ظل الأمويين، وأوائل العباسيين، أثناء تشكيل المجموعات النصية" كما أن هذه"المجموعات النصية" قد تعرضت لعملية النقل "الشفاهي" بكل مشاكلها، ولم تدون إلا متأخرًا، وهذا الوجه "الشفاهي" قام به جيل من الصحابة، لا يرتفعون عن مستوى الشبهات، بل تاريخهم تختلط فيه "الحكايات الصحيحة" بـ"الحكايات المزورة" ([48] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn48)).

والغريب في الأمر أن أسياد أركون من عقلاء الغرب لا يعترفون بهذا، بل أركون نفسه يناقض نفسه في موضع آخر فيذكر فيه أن السنة لقيت من الرعاية والتثبت ما لم يلقاه أي خطاب أو نص تاريخي وباعتراف الغرب أنفسهم ([49] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn49))، وجهله بعلم الحديث –أو تجاهله- دفعه إلى الخلط بين وجود "الحكايات المزورة" في تراجم الصحابة، وبين وقوعهم في مستوى الشبهات؛ فالأول واقع: لا يَتَحَمَّلُه الصحابة، وقد كشفت عنه علوم الحديث، على عكس الثاني الذي يحمل في طياته طعناً في عدالة الصحابة، وهو أمر مستهجن.

ثانياً: قواعد تختص بمتون الصحيحين:

وتحوي ثلاث قواعد حداثية تعامل من خلالها الحداثيون مع متون الصحيحين؛ أولها: إسقاطهم لحجية أحاديثهما ونبذ قدسيتها، ونزع صفة الوحي عنها، والثانية: إخضاعها –كسائر النصوص التراثية- للنقد، وعزلها عن مرجعيتها وقائلها، والثالثة: جعل نصوصها تحوي معاني محجوبة، وأسرار باطنة لا يكشف عنها إلا قواعدهم الحداثية، وما كان مفهوماً منها لا يوافق ما وُضعت له.

وتفصيل ذلك ما يلي:

القاعدة الأولى: الأحاديث النبوية تراث لا وحي (إسقاط حجيتها ونبذ قدسيتها):

يرى الحداثيُّون -بدرجات مختلفة- أنَّ أحاديث الصحيح تراث أكثر من أن تكون وحياً، وعند حديثنا عن رؤى الحداثيين في أحاديث الصحيحين فإنها لا تنفك عن منظومة الفكر العام، والرؤية الشاملة للحداثيين عن السنة، وإن كان الصحيحان هما المحط الأول والأولى لأنظارهم؛ كونهما مما تلقته الأمة بالقبول، وليس لطائفة أن تدعي تملصها من الاعتراف بأيّ من أحاديثهما، ورد دعاوى الحداثيين بتضعيف الحديث أو رده.

وقد ذكر الفيلسوف -الجزائري الأصل- محمد أركون -مسؤول الدِّراسات الإسلامية في جامعة السوربون بفرنسا- في معرض ردّه على من يصفهم بالمتشددين أنهم "يعتقدون أنَّ التُّراث (السُّنَّة) ينبغي أن تتغلب على كُلّ بدعة". واعتبار السُّنَّة تراثاً يتطلب تجريدها من سماتها الخاصة التي جعلت منها مصدراً ثانياً للشريعة الإسلامية. ويستلزم من ذلك اعتبار السُّنَّة مجرد خطاب أو نص ظهر في التَّاريخ لمهمة خاصة ليس لها طابع الديمومة ([50] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn50)).

واعتبر أن تدوين السُّنَّة إرهاصاً من إرهاصات تشكل "أرثوذكسية" على حد تعبير أركون، حيث يقول: "ثُمَّ راحت الأرثوذكسيات الكبرى تتشكل تاريخياً عن طريق تأليف كتب الحديث أو الصحاح، أقصد الأرثوذكسية السنية والأرثوذكسية الشيعية والأرثوذكسية الخارجية" ([51] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn51)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير