تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن الواضح تأثر أركون واستخدامه ألفاظاً خارجة عن قاموس العربية أو علوم الحديث، وإقحام مصطلح "الأرثوذكسية" بطريقة يمجها البحث العلمي، وسعيه إلى وضع السنة في موضع حجب الحقائق، وإقصائها عن مصدرية تبليغ أسس العقيدة الصافية، واتهامها بأنها: "خطاب أحادي قائم على الحصر والاستبعاد والإدانة والإقصاء ... " ([52] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn52)).

ولذلك لم يتوان الحداثيون عن اعتبار مصدرية الحديث النبوي إحدى شطحات الشافعي الذي -حسب زعمهم- وضعها مصدراً ثانياً من مصادر التشريع الإسلامي، كما وصفه أركون بأنه ذو عقل "ينمو ويترعرع داخل إطار مجموعة نصية ( Corpus) ناجزة ومغلقة على ذاتها، نقصد بذلك القرآن والحديث" ([53] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn53)).

لذلك فقد وُضع الصحيحان –كما القرآن والسنة- على محك النظر والنقد والتفكيك ليؤول هذا النَّصّ في النهاية إلى مجرد خطاب يمكن نقده ونقضه، "ففي نقد النَّصّ تستوي النُّصّوص على اختلافها ... (و) هنا يمكن الجمع بين النَصّ الفلسفي والنَّصّ النبوي" ([54] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn54))، وأن ما أقره النبي –صلى الله عليه وسلم- من العادات والتقاليد ليست وحياً؛ لأنها ليست تبليغاً من عند الله وإنما هي "مواضعات النظام الاجتماعي السائد" –على حد تعبير حرب- وبالتالي ينبغي أن يُترك ما أقره الرسول –صلى الله عليه وسلم- من هذا القبيل؛ ونترك نحن أنفسنا لمواضعات النظام السائد في هذا الزمان، حتى لو تعارضت مع ما كانت عليه في عصر النبي –صلى الله عليه وسلم- وأصحابه ([55] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn55)).

ويقول شحرور: "إنَّ المشكلة تأتي مرة أخرى من زعم الفقهاء أنَّ حلال محمَّد (ص) حلالٌ إلى يوم القيامة، وحرام محمَّد (ص) حرام إلى يوم القيامة، وتأتي من اعتبارهم أنَّ القرارات النَّبويَّة التنظيمية لها قوة التنزيل الحكيم الشامل المطلق الباقي، ناسين أنَّ التحليل والتحريم محصور بالله وحده، وأنَّ التقييد الأبدي للحلال المطلق يدخل حتماً في باب تحريم الحلال، وهذه صلاحية لم يمنحها تعالى لأحد بما فيهم الرُّسُل" ([56] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn56)).

وتقول خالدة سعيد: "عندما كان طه حسين وعلي عبد الرزاق يخوضان معركة زعزعة النموذج (الإسلام)، بإسقاط صفة الأصلية فيه، ورده إلى حدود الموروث التاريخي، فيؤكدان أن الإنسان يملك موروثه ولا يملكه الموروث، ويملك أن يحيله إلى موضوع البحث العلمي والنظر، كما يملك حق إعادة النظر في ما اكتسب صفة القداسة، وحق نزع الأسطورة عن المقدس، وحق طرح الأسئلة والبحث عن الأجوبة" ([57] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn57))، ثم تقول: "يتضمن هذا كله إسقاط العصمة عن الماضي واشكاله أو نماذجه، واعتبار هذه الأشكال تاريخية قابلة للتغيير" ([58] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn58))، ثم تضيف: "إذا كانت منجزات الإنسان أو إبداعاته امتداداً له، ... والمعتقدات والطقوس امتداداً للهوية أو للوعي بالتميز ... ؛ فإن نقضها أو تجاوزها يغدو نقضاً أو تجاوزاً للذات في بعض أبعادها. هذا النقض يتطلب مواجهة الذات ونقدها، أي مواضعتها، أو تحويلها إلى موضوع للنقد والبحث" ([59] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn59)).

وتتطاول هذه الحداثية أكثر من ذلك فتزعم أن التعاليم الدينية ما كانت إلا صورة قديمة تعمل الحداثة على تكسيرها، وتفكيك الذاكرة وزعزعتها وإعادة تنظيم عناصرها من منظور الواقع، من خلال القطيعة مع المرجعية الدينية والتراثية، وإسقاط النماذج، وعصمة المطلقات، واستبدال ذلك بالتجربة والكشف، ويكون ذلك بأنسنة الدور النبوي واضطلاع الإنسان بعبء مصيره؛ لذلك فإن الإنسان لم يعد متلقياً للأوامر والنواهي أو القوانين الخارجة عنه، بل قطباً آخر يقابل هذه القوى ([60] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn60)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير