تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والأمر الجدير بالذكر، أن النبوة بمفهومها اللغوي الصريح تدل على نقل الخبر الغيبي –من النبوأة- وهو ما ينطبق على صفات الرسول، وإن كانت تفارقها من جهة أخرى إلا أنهما تتفقان على تلقي الغيب والإخبار به ([65] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn65))، لا على ما ادعاه شحرور وأمثاله من الاجتهاد، وإلا فأين الفرق بين النبي والمجتهد على ما وصفوا؟!.

ثم إنَّ نظرية الاتصال المعاصرة تؤكد أنه إذا كانت وسيلة الاتصال شخصاً فلا بُدَّ أنَّ يتمتع هذا الشخص بقدر من الحرية الفكرية والاستقلالية الذاتية والمرونة الخطابية التي تقتضيها طبيعة صاحب الخطاب الأصلي والمخاطَب؛ ذلك لأنَّ الخطاب لفظ ومعنى، وتبليغه يقتضي أساليبه من تصريح وكناية وحقيقة ومجاز وإشارة وإيماء وغيرها من الأساليب التي لم يُلزم الوحيُ محمَّداً –صلى الله عليه وسلم- بأي واحدة منها لتبليغ الرسالة، بل أباح له استخدام جميعها، وهيأه للإفادة منها ([66] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn66))؛ كما صحّ عنه –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "بُعثت بجوامع الكلم" ([67] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn67)).

أمَّا الأمر الثَّاني، فإنَّ طرح شحرور يتجاهل جواز وقوع خطأ في اجتهاد النَّبيّ مع عدم إقرار الوحي له، فلقد ذكر الآمدي وابن الحاجب وابن الهمام والشاطبي وأهل الحديث وغيرهم من علماء الأصول أنَّ القائلين بجواز وقوع الخطأ في اجتهاد الرَّسُول –صلى الله عليه وسلم- متفقون على أنه لا يُقر على خطأ، بل لا بُدَّ من تنبيهه، فضلاً عمن نفوا وقوع الخطأ أصلاً في اجتهاده، وإنما اعتبروه من باب خلاف الأولى ([68] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn68))، كما أن هذا محال عقلاً، ولا يجوز منطقاً على رسالة اتُصفت بالإلهية، كما قال الدكتور عبد الغني عبد الخالق: "إنه لا يُعقل أن يذهب ذاهب إلى جواز الخطأ مع التقرير عليه" ([69] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn69)).

وتتأكد مزاعم تراثية نصوص الصحيحين على لسان نصر حامد أبو زيد، الذي ربط بين دراسة النَّصّ القرآني وبين النَّصّ النبوي في بيان منزلة السُّنَّة، حيث ذكر أنَّ "النَّصّ منذ لحظة نزوله الأولى مع قراءة النَّبيّ له لحظة الوحي تحول من كونه نصاً إلهياً وصار فهماً إنسانياً، لأنه تحول من التنزيل إلى التأويل ... ولا التفات لمزاعم الخطاب الديني بمطابقة فهم الرَّسُول للدلالة الذاتية للنص". ولا يكترث نصر بالقول عندما يؤكد أنَّ مصطلح التأويل "بدأ يتراجع بالتدريج، ويفقد دلالته المحايدة، ويكتسب دلالة سلبية، وذلك في سياق عملية التطور والنمو الاجتماعيين ... " ([70] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn70)).

وهذا التصريح يحتوي على مغالطة واضحة، وبدعة فاضحة، لم يكلف نصر نفسه عناء البرهنة عليها وهي أنَّ السُّنَّة تأويل للقرآن الكريم، سواء كان هذا التأويل تخصيصاً لعامه، أو تقييداً لمطلقه، أو تفصيلاً لمجمله، فكيف يتراجع ذلك التأويل تدريجياً عنده!، وكيف يستقيم في ذلك ما أضافته السنة من أحكام شرعية تبيّن ما لم يذكره القرآن من تشريعات أجمع علماء الأمة –فضلاً عن عوامها- أنها من الدين؟! ([71] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn71)).

وقد يكون التأويل مدخلاً إلى النقد على حد ما مورس في تأويل الكتب الدِّينيَّة في اليهوديَّة والمسيحيَّة تحت اسم الهرمنيوطيقا ([72] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn72)) (Hermeneutics) والذي انتهى المآل بالمؤولين إلى تأكيد تاريخية النَّصّ المُقدَّس ([73] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn73))، وهو ما سنبحثه في النقطة التالية.

القاعدة الثانية: الخطاب النبوي خطاب لغوي قابل للنقد (نظرية موت المؤلف):

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير