تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهو ما يسمى بنظرية "موت المؤلف" أو "عزل النص" إذ يقتضي هذا المنهج إخضاع نصوص الصحيحين –وغيرها من النصوص الشرعية- لآليات التفكيك والنظريات الألسنية الحديثة. ولقد رأى بعض الحداثيين ضرورة ذلك، كما أكد محمَّد أركون أنه "من الملحّ والعاجل -من وجهة نظر التَّاريخ العام للفكر- أن نطبق على دراسة الإسلام المنهجيات والإشكاليات الجديدة، نقصد بذلك تطبيق المنهجيات والآفاق الواسعة للبحث من تاريخية ([74] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn74)) وألسنية ([75] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn75)) وسيميائية دلالية ([76] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn76)) وأنثربولوجية ([77] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn77)) وفلسفية" ([78] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn78)).

ويقول علي حرب: "وكينونة النص تقضي بالنظر إليه من دون إحالته لا إلى مؤلفه ولا إلى الوقع الخارجي" ([79] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn79))، ولهذا أكّد الحداثيون على ما يُسمى بـ "تراثية" السُّنَّة النَّبويَّة -كما قدمنا-، وفرض التساوي بين أنواع الخطاب؛ فأصبح النَّصّ النبوي عرضة لمناهج الألسنيات الحديثة وتحليل الخطاب التاريخي ونقده، ففي منطق النقد "يستقل النَّصّ عن المؤلف"، وبالتالي تم تفكيك أهم علاقة تربط النَّصّ النبوي بالوحي لتُجرَّد السُّنَّة بعد ذلك من شرعيتها التي منحها إياها الوحي. ثُمَّ ينتقل هذا المنهج إلى تفكيك النَّصّ النبوي عن الحقيقة. فقد أصبحت هذه الأخيرة هي الأخرى محل نقد لارتباطها بالنَّصّ النبوي. يقول علي حرب: "فالنَّصّ النبوي، مثلاً، لا تكمن أهميته في كونه يروي الحقيقة أو يتطابق معها، بل تكمن بالدرجة الأولى في حقيقته هو ... " ([80] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn80)).

وهكذا يصبح النَّصّ النبوي نفسه موضع المساءلة ما إذا كان حجة أم لا، فضلاً عن تضمنه رسالةً للبشرية، أو كونه هدى وبشرى للعالمين.

إنَّ هذا المنهج يُذري بالقيم الحضارية والإنسانية التي تضمنتها رسالة خاتم النَّبيّين أدراج الرياح، ويجعل العقل النسبي حاكماً على العقل المطلق الذي باركه الوحي وخوّله مهمة هداية البشرية.

والأخطر من ذلك، أنه يعتقد أن "النص يعكس واقعه المعاصر له فقط، وينتهي بانتهاء زمانه، وأن محاولة إحالته أو ربطه بواقع معين ليست سوى تفسير للنص بنص آخر، أي هي حجب للحجب" ([81] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn81))، ومعنى ذلك أن محاولة إسقاط النص النبوي على أي حادثة واقعية وتطبيق حكمه عليها والعمل به في خارج نطاق عصره وزمانه إنما هو تعتيم مبطن، وظلام مضاعف لا يستقيم والمنطلقات المنطقية التي تقتضي حصر النص بما يخصه من الزمان دون غيره، وهو تشكيك صريح بالنصوص النبوية –بعامة- والصحيحين بشكل خاص.

ومعلوم أن التشكيك بالصحيحين تشكيك بالسنة جمعاء، وهو تشكيك في القرآن أيضاً، كما أنه تشكيك في حقيقة الوجود الإنساني، ودعوة إلى العبثية بقوانين الفكر، وتماهٍ للعقلنة التي لا يضبطها ضابط شرعي أو عقلي أو منطقي، فضلاً عن الدخول في التأويلات اللامتناهية، وأشكالية العلاقة بين النص المعطى ولغته، فليس لـ"قصد" المؤلف، أو النص، مكان في "النظرية التأويلية" الجديدة، باعتبار أن النصوص لا تحمل أي معنى إلا ذلك الذي يصنعه القارئ ويشكله، مما يؤدي إلى "فوضى التفسير" و"لا نهائية المعنى" و"نسف محتوى النص" و"إبطال مقصوده"؛في ظل الغيبات الثلاثة التي تقوم عليها"التأويلية الحديثة": (غيبة المؤلف، وغيبة المرجعية، وغيبة القصدية) وبذلك، وحده، يسأثر الحداثيون بتأويل النص الديني، قرآنًا وسنة، ويتلاعبون بفهمه وتفسيره ومدلوله، في "باطنية" مسرفة لا ترى في "ظواهر" النصوص أكثر من رموز ومؤشرات ومدلولات كوامن بواطن، هي مركز الثقل في النص، وبدل أن يكون الهوى تبعًا لمعطيات النص، يكون هو تبعًا لأهوائنا! ([82] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn82)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير