والسمة البارزة في التراجم: السكوت عن أحوال المترجمين (27) , ولا يُفهم منه توثيق أو غيره, فقد سكت عن أئمة ثقات، حيث ترجم للشافعي في سطرين, وسكت عنه؛وترجم للإمام أحمد (28) ,وأحمد بن منيع (29) وغيرهم؛وسكت عنهم، وقد سكت عن أناس مشهورين بالضعف أو النكارة،كسكوته عن محمد بن أشعث الكندي (30) ,ومحمد بن إبراهيم اليشكري (31) وغيرهما.
وقد يسكت عن أناس مجاهيل, كسكوته عن محمد بن إبراهيم الباهلي (32) ,ومحمد بن إبراهيم الهاشمي (33) وغيرهما.
وقد يسكت عن أناس لم يعرفهم (34).
ومن مذهبه: التشدد في السماع, حيث يكثر من قول: لا يُعرف له سماع من فلان (35).
الفصل السادس: تعقباته واستدراكاته
لقد بلغت تعقباته واستدراكاته، التي وقفتُ عليها (ستة وخمسين) موضعاً. (36)
وكلُّها تتعلق بالخطأ في الرواية،والوهم في الاسم،ولم أجد تعقباً له في الحكم على الراوي بالتوثيق أو التضعيف
وإليك بعض الأمثلة:
1/ 150 محمد بن عبد الرحمن أبو الثورين الجمحي المكي، سمع ابن عمر، روى عنه عمرو بن دينار؛وقال شعبة: عن عمرو بن دينار عن أبي السوار، وهو وهم.
1/ 318 إبراهيم بن محمد بن حاطب القرشي، روى عنه شعبة، يُعد في الكوفيين، سمع سعيد بن المسيب قوله، وقال بعضهم: عن شعبة عن محمد، قال أبو عبد الله: وهو وهم، وروى إبراهيم أيضا عن كثير بن عبيد.
2/ 151 تميم بن طرفة الطائي الكوفي، سمع عدي بن حاتم، وجابر بن سمرة؛ روى عنه سماك، وقال بن المبارك:عن سفيان عن الأعمش عن مسيب عن تميم بن سلمة في الصلاة؛وهو وهم،والصحيح في هذا الحديث: تميم بن طرفة
3/ 163 خالد بن علقمة الهمداني، وقال شعبة: مالك بن عرفطة،وهو وهم، سمع عبد خير؛ سمع منه زائدة، وسفيان، وشريك، وقال أبو عوانة مرة: خالد بن علقمة، ثم قال: مالك بن عرفطة.
4/ 232 سيار بن منظور الفزاري عن أبيه، قاله يزيد بن هارون عن كهمس، وقال وكيع: عن كهمس منظور بن سيار وهو وهم، قال المقرئ: حدثنا كهمس عن سيار بن منظور.
4/ 257 شبل بن خليد، سمع منه عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وقال يونس عن الزهري عن عبيد الله عن شبل بن حامد،وهو وهم.
4/ 338 ضمضم أبو المثنى الأملوكي الحمصي، سمع عتبة بن عبد؛ روى عنه صفوان بن عمرو، سماه أبو اليمان، وقال بن المبارك: المليكي. وهو وهم.
7/ 185 قتادة بن ملحان القيسي، له صحبة،يعد في البصريين؛ روى همام عن أنس بن سيرين عن عبد الملك بن قتادة عن أبيه. وقال أبو الوليد: وهم شعبة فيه فقال: عبد الملك بن المنهال.
7/ 215 كثير بن قنبر،سمع سالما، روى عنه علي بن عبد العزيز؛ وسمع منه محمد ابن سواء، قال علي بن عاصم: كثير بن حمير، و هو وهم.
6/ 369 عمرو بن مسلم الجندعي الليثي المديني، عن بن عمار بن أكيمة عن سعيد ابن المسيب، روى عنه سعيد بن أبي هلال، ومالك بن أنس، قال بعضهم: الخناعي. وهو خطأ، ويقال: عمر.
8/ 311 يحيى بن يعفر أبو السندي،بصري، عن هلال بن يزيد،قاله عبد الرحمن ابن مهدي، وغيره، وقال وكيع:يحيى بن جعفر. وهو وهم.
الفصل الثامن: تأثيره فيمن بعده ([37])
إن التاريخ الكبير للإمام البخاري, يُعتبر تاج كتب التراجم, وعمدة المصنفين بعده,
فانظر في أقرب الناس عهداً بالبخاري ممن صنف في الرجال،وهو ابن أبي حاتم, كيف اعتمد على التاريخ ([38]) ,فصنف على منهجه, وسار على خُطاه, مع الفروق بينهما.
فالبخاري نشر العلل في تاريخه, بينما جردها ابن أبي حاتم في مصنف مستقل.
والبخاري نشر المراسيل في تاريخه, بينما ابن أبي حاتم أفردها بالتصنيف,
والبخاري لم يحكم على جميع من ترجم له, ولا كثير منهم؛ لأن كتابه كتاب تاريخ
وليس كتاباً في الجرح والتعديل, كما هو الحال عند ابن أبي حاتم,
فهذا ابن أبي حاتم كما ترى، استفاد في كتبه الثلاثة (الجرح, العلل, المراسيل) من كتاب البخاري - رحمه الله -.
وكذا غير ابن أبي حاتم كثير, ممن تأثر بالبخاري ونقل منه, وأكثر, واستفاد منه أيّ استفادة, كابن حبان في" الثقات" و"المجروحين" ([39]) ,وابن عدي في" الكامل" ([40]) ,والعقيلي في "الضعفاء", والترمذي كما قال عن جامعه: "وما كان فيه من العلل في الأحاديث والرجال, والتاريخ, فهو مما استخرجته من كتاب التاريخ" (41).
¥