4. وردت أخبار عن سماح بعض الصحابة الآخرين بالكتابة مثل: السيدة عائشة وأبي هريرة ومعاوية بن أبي سفيان وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص و البراء بن عازب وأنس بن مالك والحسن بن علي وعبد الله بن أبي أوفى. وفيمن ذكرتهم من كان يكره الكتابة ثم أجازها، ولا تناقض في ذلك لأن سبب كراهتهم هو أن تختلط بالقرآن، أما حين يؤمن من ذلك فإنهم كانوا يجيزون كتابة الحديث.
ولذلك فقد كتب بعضهم الأحاديث في الصحف في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته. وفيما يلي ذكر ما عرف منها.
أمثلة الصحف التي كتبها الصحابة في الحديث:
1. نسخة سمرة بن جندب جمع فيها أحاديث كثيرة.
2. كتاب أبي رافع مولى النبي "صلى الله عليه وسلم" وفيه استفتاح الصلاة.
3. كتب أبي هريرة.
4. صحيفة أبي موسى الأشعري.
5. صحيفة جابر بن عبد الله الأنصاري.
6. الصحيفة الصادقة لعبد الله بن عمرو بن العاص.
7. الصحيفة الصحيحة لهمام بن منبه وهي التي رواها عن أبي هريرة.
كتابة الحديث في جيل التابعين فمن بعدهم
امتنع بعض كبار التابعين عن الكتابة مثل: عبيدة بن عمرو السلماني (ت72هـ) وإبراهيم بن زيد (ت93هـ) وإبراهيم بن يزيد النخعي (ت96هـ) وعامر الشعبي (ت103هـ). ولكن البعض الآخر منهم كان يكتب الحديث مثل: سعيد بن جبير وسعيد بن المسيب (ت94هـ) وعامر الشعبي والضحاك بن مزاحم (ت105هـ) والحسن البصري (ت110هـ) ومجاهد بن جبر (ت103هـ) ورجاء بن حيوة (ت112هـ) وعطاء بن أبي رباح (ت114هـ) ونافع مولى ابن عمر (ت117هـ). وقتادة السدوسي (ت118هـ).
وبرز من جيل التابعين عدد من العلماء الذين اهتموا بكتابة الحديث، واحتفظوا بأجزاء وصحف كانوا يروونها مثل:
أبي الزبير محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي (ت126هـ) الذي كتب بعض حديث الصحابي جابر بن عبد الله وحديث غيره.
وأبي العشراء الدارمي: أسامة بن مالك.
وأيوب بن أبي تميمة السختياني (ت131هـ).
وأبي بردة بريد بن عبدالله بن أبي بردة.
وحميد بن أبي حميد الطويل (ت143هـ).
وهشام بن عروة بن الزبير (ت146هـ).
وأبي عثمان عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب (ت147هـ).
وقد حملت كراهية بعض التابعين للكتابة على أنهم كرهوا تدوين آرائهم وفتاويهم مع الحديث، وكذلك خوفهم من الاعتماد على الكراريس وإهمال الحفظ.
وقد سعى عبد العزيز بن مروان والي مصر (وليها من سنة 65هـ إلى سنة 85هـ) إلى جمع الحديث وتدوينه، فكتب إلى كثير بن مرة الحضرمي الذي أدرك سبعين بدرياً أن يكتب له ما سمعه من أحاديث الصحابة سوى أبي هريرة لأن حديثه كان مجموعا عنده، ولكننا لا نعلم شيئا عن نتيجة هذه المحاولة. ثم جاء ابنه عمر بن عبد العزيز بن مروان إلى الخلافة، فكتب إلى أبي بكر بن حزم عامله على المدينة: "انظر ماكان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو سنة ماضية، أو حديث عَمْرة فاكتبه فإني خفت دروس العلم وذهاب أهله ". وأراد منه أن يكتب ما عنده عَمْرة بنت عبد الرحمن الأنصارية (ت98هـ) والقاسم بن محمد بن أبي بكر (ت120هـ).
وكتب عمر إلى علماء المدن الإسلامية الأخرى:" انظروا إلى حديث رسول الله فاجمعوه ".
ولكن عمر بن عبد العزيز عاجلته المنية قبل أن يبعث إليه أبو بكر بن حزم بما جمعه. وعلى أية حال فإن هذا الجمع لم يكن شاملاً.
أما المحاولة الشاملة فقد قام بها إمام جليل آخر هو ابن شهاب الزهري (ت124هـ) حيث استجاب لطلب عمر بن عبد العزيز، وكان شغوفاً بجمع الحديث والسيرة فجمع حديث المدينة وقدمه إلى عمر بن عبد العزيز الذي بعث إلى كل أرض دفتراً من دفاتره. وكانت هذه هي المحاولة الأولى لجمع الحديث وتدوينه بشمول واستقصاء. وبذلك مهد الطريق لمن أعقبه من العلماء المصنفين في القرن الثاني الهجري حيث نشطت حركة تدوين الحديث ودأب العلماء على ذلك. وكان لفشو الوضع في الحديث أثر في تأكيدهم على التدوين، حفظاً للسنة ومنعاً للتلاعب فيها.
وممن اشتهر بوضع مصنفات في الحديث:
1. محمد بن إسحاق (ت151هـ) بالمدينة وهو: صاحب السيرة النبوية المشهورة باسمه، وقد اختصرها ابن هشام.
2. الإمام مالك بن أنس (ت179هـ) بالمدينة حيث صنف (الموطأ) "وتوخى فيه القوي من حديث أهل الحجاز " وهو مطبوع.
3. عبد الله بن المبارك (ت181هـ) بخراسان.
¥