كَانَ يَتَضَرَّرُ بِنَزْعِ الْخُفِّ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْجَبِيرَةِ. وَفِي الْقَوْلِ الْآخَرِ: أَنَّهُ إذَا خَافَ الضَّرَرَ بِالنَّزْعِ تَيَمَّمَ وَلَمْ يَمْسَحْ. وَهَذَا كَالرِّوَايَتَيْنِ لَنَا إذَا كَانَ جُرْحُهُ بَارِزًا يُمْكِنُهُ مَسْحُهُ بِالْمَاءِ دُونَ غَسْلِهِ فَهَلْ يَمْسَحُهُ أَوْ يَتَيَمَّمُ لَهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَالصَّحِيحُ الْمَسْحُ لِأَنَّ طَهَارَةَ الْمَسْحِ بِالْمَاءِ أَوْلَى مِنْ طَهَارَةِ الْمَسْحِ بِالتُّرَابِ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا جَازَ الْمَسْحُ عَلَى حَائِلِ الْعُضْوِ فَعَلَيْهِ أَوْلَى. وَذَلِكَ أَنَّ طَهَارَةَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ طَهَارَةٌ اخْتِيَارِيَّةٌ وَطَهَارَةُ الْجَبِيرَةِ طَهَارَةٌ اضْطِرَارِيَّةٌ فَمَاسِحُ الْخُفِّ لَمَّا كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ وُقِّتَ لَهُ الْمَسْحُ وَمَاسِحُ الْجَبِيرَةِ لَمَّا كَانَ مُضْطَرًّا إلَى مَسْحِهَا لَمْ يُوَقَّتْ وَجَازَ فِي الْكُبْرَى فَالْخُفُّ الَّذِي يَتَضَرَّرُ بِنَزْعِهِ جَبِيرَةٌ. وَضَرَرُهُ يَكُونُ بِأَشْيَاءَ: إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي ثَلْجٍ وَبَرْدٍ عَظِيمٍ: إذَا نَزَعَهُ يَنَالُ رِجْلَيْهِ ضَرَرٌ أَوْ يَكُونُ الْمَاءُ بَارِدًا لَا يُمْكِنُ مَعَهُ غَسْلُهُمَا فَإِنْ نَزَعَهُمَا تَيَمَّمَ فَمَسْحُهُمَا خَيْرٌ مِنْ التَّيَمُّمِ. أَوْ يَكُونُ خَائِفًا إذَا نَزَعَهُمَا وَتَوَضَّأَ: مِنْ عَدُوٍّ أَوْ سَبُعٍ أَوْ انْقِطَاعٍ عَنْ الرُّفْقَةِ فِي مَكَانٍ لَا يُمْكِنُهُ السَّيْرُ وَحْدَهُ؛ فَفِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ لَهُ تَرْكُ طَهَارَةِ الْمَاءِ إلَى التَّيَمُّمِ؛ فَلَأَنْ يَجُوزَ تَرْكُ طَهَارَةِ الْغَسْلِ إلَى الْمَسْحِ أَوْلَى. وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ إذَا كَانَ عَادِمًا لِلْمَاءِ وَمَعَهُ قَلِيلٌ يَكْفِي لِطَهَارَةِ الْمَسْحِ لَا لِطِهَارَةِ الْغَسْلِ فَإِنْ نَزَعَهُمَا تَيَمَّمَ فَالْمَسْحُ عَلَيْهِمَا خَيْرٌ مِنْ التَّيَمُّمِ. وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ {: يَمْسَحُ الْمُقِيمُ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَالْمُسَافِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ} مَنْطُوقُهُ إبَاحَةُ الْمَسْحِ هَذِهِ الْمُدَّةَ وَالْمَفْهُومُ لَا عُمُومَ لَهُ بَلْ يَكْفِي أَنْ لَا يَكُونَ الْمَسْكُوتُ كَالْمَنْطُوقِ فَإِذَا خَالَفَهُ فِي صُورَةٍ حَصَلَتْ الْمُخَالَفَةُ فَإِذَا كَانَ فِيمَا سِوَى هَذِهِ الْمُدَّةِ لَا يُبَاحُ مُطْلَقًا بَلْ يُحْظَرُ تَارَةً وَيُبَاحُ أُخْرَى حَصَلَ الْعَمَلُ بِالْحَدِيثِ وَهَذَا وَاضِحٌ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ نَافِعَةٌ جِدًّا.
انظر: (21/ 361،215،178،177)
ـ[ابوعلي النوحي]ــــــــ[25 - 08 - 06, 03:30 م]ـ
جزاكما الله خيرا
أخي حمد قرأت كلام شيخ الاسلام
لكن أخي حمد أفهم من كلامك أن عمر يرى التوقيت في المسح لولا أنه وافق عقبة لحالته او لعذره
وبذلك نجمع بين أثري عمر لأن في أحدهما ذكر التوقيت و الأخر لم يذكره
مع ملاحظة أن عقبة قد فعله قبل أن يأتي عمر فكأن عقبة أيضا يرى هذا
لكن السؤال: ما الدليل أن عقبة كان ذا عذر
أما بالنسبة لكلامك هذا فلم أفهمه
جزى الله أخي الباحث محمد على تنبيهه.
وأقول له: والله ما أدري أصلاً، أنّ هناك فرقاً بين الفتاوى الكبرى ومجموع الفتاوى فأخوك مبتدئ.
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[25 - 08 - 06, 03:55 م]ـ
هو استدل بقاعدة أصولية، وهي: أن (الْمَفْهُومُ لَا عُمُومَ لَهُ)
فَأَحَادِيثُ التَّوْقِيتِ فِيهَا الْأَمْرُ بِالْمَسْحِ: (يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ) وَلَيْسَ فِيهَا النَّهْيُ عَنْ الزِّيَادَةِ إلَّا بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ، والمفهوم لا عموم له.
يقصد: أن توقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُفهم منه أنه لا يُمسح بعد ذلك. ولكن ليس دائماً.
متى يكون دائماً لا يجوز المسح بعدها؟
إذا وُجد نهي، مثل: لا تمسحوا بعد ثلاث ليال.
هذا النهي يفيد العموم، أي: في أيّ حالة من الأحوال لا يجوز لكم المسح بعد الثلاث.
وابن تيمية يقول: لا يوجد نهي بالنص.
بل توقيتٌ يُفهم منه عدم الزيادة، (يسمى المفهوم)
والمفهوم لا عموم له، أي: ليس دائماً لا يجوز المسح، بل عند الحاجة يجوز المسح فوق ثلاث ليال.
وعند عدم الحاجة لا يُمسح.
وهذا فقه عمر وعقبة.
وعقبة كان له حاجة، وهي: سرعة الوصول إلى المدينة
أما الجملة الأخيرة فهي جواب على رسالة خاصة لأحد الأعضاء الكرام.