تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أوضح المسالك ببيان معنى قول الترمذي روي من غير وجه نحو ذلك]

ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[31 - 08 - 06, 08:24 م]ـ

أَوْضَحُ الْمَسَالِكِ بِبَيَانِ مَعْنَى قَوْلِ التِّرْمِذِيِّ «يُرْوَي مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ نَحْوُ ذَلِكَ»

ـــــــــــ

الْحَمْدُ للهِ الَّذِي اطْمَأَنَتْ قُلُوبُ الْمُؤْمِنِينَ بِذِكْرِهِ، وَوَجَبَ عَلَى الْخَلائِقِ جَزِيلُ حَمْدِهِ وَشُكْرِهِ، وَوَسِعَتْ كُلَّ شِيْءٍ رَحْمَتُهُ، وَظَهَرَتْ فِي كُلِّ أَمْرٍٍ حِكْمَتُهُ، وَدَلَّتْ عَلَى وَحْدَانِيتِهِ بَدَائِعُ مَا أَحْكَمَ صُنْعَاً وَتَدْبِيْرَاً، وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيْرَاً. وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ الأَتَمَّانِ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ الْقَائِمِ بِأَعْبَاءِ الرِّسَالَةِ، مع إِيضَاحِ الدَّلالَةِ، وَالذي لَمْ يَأْلُ جُهْدَاً فِي الإِرْشَادِ وَالتَّهْذِيبِ، وَالتَّبْصِرَةِ وَالتَّقْرِيبِ، وَالرِّفْقِ وَالرَّحْمَةِ، وَالْبَيَانِ وَالْحِكْمَةِ، فَبَيَّنَ مَنْهَجَ السَّدَادِ، وَمَسَالِكَ الْفَلاحِ وَالرَّشَادِ، كُلُّ ذَلِكَ بِبَيَانٍ مُخْتَصَرٍ، وَإِيضَاحِ غَيْرِ مَمْزُوجٍ بِحَصَرٍ؛ آخِذٍ مِنْ الْبَلاغَةِ بِالْعُرْوَةِ الْوَثِيقَةِ، وَمِنَ الْفَصَاحَةِ بِأَيْسَرِ طَرِيقَةٍ، وَكَفِيلٍ بِتَحْدِيدِ الأُصُولِ الْمُهِمَّاتِ، وَتَفْصِيلِ الْوَاجِبَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ، حَتَّى صَارَتْ قَوَاعِدُ دِينِهِ مُعَيَّنَةً، لا يَحْتَاجُ الْمُدَّعِي فِيهَا إلَى بَيِّنَة، لِئَلا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ، وَلا يُرَى فِي دِينِهِمْ عِوَجٌ.

وبعدُ. فَقَدْ ثَبَتَ بِمَا ذَكَرَهُ أبُو عِيسَى التَّرْمِذِي فِي حَدِّ الْحَدِيثِ الْحَسَنِ أَنَّ مِنْ شُرُوطِهِ اللازِمَةِ عِنْدَهُ «أَنَّ يُرْوَي مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ نَحْوُهُ».

وَقَدْ كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ وَاضِحَةً، لا إِشْكَالَ فِي فَهْمِ مَعْنَاهَا، لِمَنْ لَهُ إطِّلاعٌ وَلَوْ يَسِيْرٌ لـ «جَامِعِ التِّرْمِِذِيِّ»، وَأَنَّهَا تَعْنِي عَلَى الْفَوْرِ، وَبِلا أَدْنَى تَفْكِيْرٍ وَلا رَوِيَّةٍ: تَعَدُّدَ طُرُقِ الْحَدِيثِ، مَهْمَا كَانَ ذَلِكَ التَّعَدُّدُ: عَنِ الصَّحَابِيِّ الرَّاوِي لِلْحَدِيثِ وَهُوَ مَا يُعْرَفُ بَالْمُتَابَعَاتِ، أَوْ عَنْ صَحَابِيٍّ آخَرَ أَوْ أَكْثَرَ وَافَقُوهُ عَلَى لَفْظِهِ أَوْ مَعْنَاهُ، وَهُوَ مَا يُعْرَفُ بِالشَّوَاهِدِ، أَوْ بِعِبَارَةٍ أَوْجَزَ: تَعْنِي تَعَدُّدَ الْمُتَابَعَاتِ وَالشَّوَاهِدِ لِحَدِيثِ الأَصْلِ.

حَتَّي طَالَعْتُ كَلامَاً شَاذَّاً عَجِيبَاً، يَقُولُ صَاحِبُهُ: «فَالْحَدِيثُ عِنْدَهُمْ مَتْنٌ وَصَحَابِيٌّ، فَإِذَا رَوَي نَفْسَ هَذَا الْمَتْنِ صَحَابِيٌّ غَيْرُ الأَوَّلِ فَهُمَا حَدِيثَانِ أَوْ طَرِيقَانِ، أَمَّا الأَوْجَهُ فَتَخْتَلِفُ عَنْ ذَلِكَ وَتَكُونُ تَحْتَ صَحَابِيٍّ وَاحِدٍ، وَمَنْ أَرَادَ الاسْتِقْصَاءَ فَجَامِعُ التِّرْمِذِىِّ بَيْنَ يَدَيْهِ مَطْبُوعٌ وَللهِ الْمَنِّ وَالْفَضْلُ. وَهَذِهِ هِيَ النُّقْطَةُ الَّتِي أُشْكِلَتْ عَلَي بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَظَنَّ أنَّ الْمَقْصُودَ طُرُقَاً لِلْحَدِيثِ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضَاًً، وَلَيْسَ الأَمْرُ كَذَلِكَ. فَكَأَنَّ كَلامَهُ - يَعْنِي التِّرْمِذِيَّ - إِنَّمَا يَدُورَ دَائِمَاً عَلَي سَنَدٍ وَاحِدٍ وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ يُقَوِّي الأَحَادِيثَ بِبِعْضِهَا وَتَكُونَ فِي دَرَجَةِ الْحَسَنِ».

وَلِتَأْيِيدِ هَذِهِ الدَّعْوَى الْغَرِيبَةِ، أَوْرَدَ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ «الْعِلَلُ الْكَبِيْرُ» (143) قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ عَلَى الْمِنْبَرِ «وَنَادَوْا يَا مَالِكُ». وَقَوْلَ أَبِي عِيسَى عَنْهُ: «هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير