اختلف الفقهاء في حكم صوم النصف الثاني من شعبان عَلَى النحو الآتي:
أولاً: ذهب قوم إلى كراهة الصوم بَعْدَ النصف من شعبان إلى رمضان. هكذا نقله الطحاوي39 من غَيْر تعيين للقائلين بِهِ. وَهُوَ قَوْل جمهور الشافعية 40. ونقله ابن حزم عن قوم41.
ثانياً: خص ابن حزم 42 - جمعاً بَيْنَ أحاديث الباب – النهي باليوم السادس عشر من شعبان 43.
ثالثاً: ذهب الروياني 44 من الشافعية إلى تحريم صوم النصف الثاني من شعبان45.
رابعاً: ذهب جمهور العلماء إلى إباحة صوم النصف الثاني من شعبان من غَيْر
كراهة 46.
واستدل أصحاب المذاهب الثلاثة الأول بحديث عَبْد الرحمان بن العلاء، عَلَى اختلاف في تحديد نوع الحكم.
وأجاب الجمهور بتضعيف حديثه، وعدم وجود ما يقتضي التحريم أو
الكراهة، بَلْ وجود ما يعضد القَوْل بالاستحباب.
ومذهب الجمهور هُوَ الراجح في عدم الكراهة وجواز صيام النصف الثاني من شعبان لضعف حَدِيْث العلاء وعدم صحته. والأصل الجواز حَتَّى يأتي دليل التحريم أَوْ الكراهة.
..........................................
1 هو أبو شبل العلاء بن عَبْد الرحمان بن يعقوب الحرقي المدني: صدوق ربما وهم، توفي سنة (138 ه). الثقات 5/ 247، وتهذيب الكمال 5/ 526 - 527 (5166)، والتقريب (5247).
2 هُوَ عَبْد الرحمان بن يعقوب الجهني المدني، مولى الحرقة: ثقة من الثالثة.
الثقات 5/ 108 - 109، وتهذيب الكمال 4/ 492 (3985)، والتقريب (4046).
3 في مصنفه (7325).
4في مسنده (9026).
5 في مسنده 2/ 442.
6 الحافظ الإمام، أحد الأعلام، أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن عَبْد الرحمان بن الفضل بن بهرام التميمي ثُمَّ الدارمي السمرقندي، ولد سنة (181 ه)، وتوفي سنة (255 ه). الثقات 8/ 364، تهذيب الكمال 4/ 189 (3371)، وسير أعلام النبلاء 12/ 224.
والحديث في سننه (1747) و (1748).
7في سننه (2337).
8 في سننه (1651).
9 في جامعه (738).
10في الكبرى (2911).
11في شرح معاني الآثار 2/ 82.
12 في صحيحه (3590) و (3592)، وفي طبعة الرسالة (3589) و (3591).
13 في الأوسط (6859)، وفي طبعة دار الكتب العلمية (6863).
14 في الكبرى 4/ 209.
15 في تاريخ بغداد 8/ 48.
16 سنن أبي داود 2/ 301 عقب (2337).
17 السنن الكبرى 2/ 172 عقب (2911).
18 الجامع الكبير 2/ 107 عقب (738).
19 الإمام الحافظ الجوال الرحال أبو الفضل مُحَمَّد بن طاهر بن علي بن أحمد المقدسي، من مصنفاته: "أطرف الأفراد"، توفي سنة (507 ه).
تاريخ الإِسْلاَم: 169 وفيات (507 ه)، وسير أعلام النبلاء 19/ 361 و 364، والعبر 4/ 14.
20 5/ 218 (5209).
21 هُوَ الإمام الحافظ الناقد المجود أبو سعيد عَبْد الرحمان بن مهدي العنبري، وَقِيْلَ: الأزدي، مولاهم البصري اللؤلؤي، ولد سنة (135 ه)، وتوفي (198 ه).
طبقات ابن سعد 7/ 297، والعبر 1/ 326، وسير أعلام النبلاء 9/ 192.
22 سنن أبي داود 2/ 301 عقب (2337).
23 نصب الراية 2/ 441.
24 الإمام القدوة أبو بكر أحمد بن مُحَمَّد بن الحجاج المروذي، صاحب الإمام أحمد بن حَنْبَل، ولد في حدود المئتين، وتوفي (275 ه).
طبقات الحنابلة 1/ 57، وسير أعلام النبلاء 13/ 173، والعبر 2/ 60.
25 علل الْحَدِيْث ومعرفة الرجال: 117 - 118 (تحقيق السامرائي).
26سبل السلام 2/ 642، ونيل الأوطار 4/ 260، والفتح الرباني 10/ 207. وصححه الترمذي وابن حبان وابن حزم وابن عساكر وأبو عوانة والدينوري.
انظر: الجامع الكبير (738) وصحيح ابن حبان (3590) و (3592)، والمقاصد الحسنة: 35، والفتح الرباني 10/ 205، وَلَكِنْ أقول: إن تصحيح هَؤُلاَءِ لا يقف عمدة في وجه استنكار ثلاثة من أساطين التعليل والنقد: ابن مهدي، وابن مَعِيْنٍ، وابن حنبل.
27 المقاصد الحسنة: 57.
28 في الأوسط (1957) في طبعة دار الكتب العلمية (1936)، وعزاه السخاوي في مقاصده: 35 إلى البيهقي في الخلافيات.
29 1/ 146 (569).
30ونحوه في المغني في الضعفاء 1/ 57 (448). وانظر: لسان الميزان 1/ 285.
31 الضعفاء الكبير 2/ 303 (880).
32 ميزان الاعتدال 2/ 508.
33ديوان الضعفاء والمتروكين 2/ 69.
34 الجرح والتعديل 8/ 406.
35ميزان الاعتدال 4/ 191.
36المجروحين 3/ 23 - 24.
37الكاشف 2/ 298 (5651).
38 لطائف المعارف: 142.
39شرح معاني الآثار 2/ 82.
40التهذيب 3/ 202، وفتح الباري 4/ 128، إلا أنه نقل عَنْهُمْ المنع، والظاهر أنه أراد بالمنع ما هُوَ الأعم من مفهومها الخاص وَهُوَ التحريم، بقرينة أنه أفرد الروياني ونقل عَنْهُ أنه قَالَ بالتحريم، فلو كَانَ مؤدى العبارتين واحداً لما فصل بينهما.
41 المحلى 4/ 26.
42الإمام البحر، ذو الفنون والمعارف أبو مُحَمَّد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي، من مؤلفاته:
" المحلى " و " الإيصال إلى فهم الخصال " و " الأحكام "، ولد سنة (384 ه)، وتوفي سنة (456 ه).
سير أعلام النبلاء 18/ 184 و 193 و 213، وتاريخ الإِسْلاَم: 403 وفيات (456 ه)، والأعلام 4/ 254.
43المحلى 7/ 25.
44 هُوَ الشيخ أبو المحاسن عَبْد الواحد بن إسماعيل بن أحمد الروياني، صنف الكتب المفيدة مِنْهَا: " حلية المؤمن " و " الكافي "، ولد سنة (415 ه)، وتوفي مقتولاً بجامع آمد سنة (501 ه) أو (502 ه). سير أعلام النبلاء 19/ 260 - 261، وطبقات الشافعية، لابن قاضي شهبة 2/ 287.
45 نقله ابن حجر في الفتح 4/ 129.
46 شرح معاني الآثار 2/ 82، وفتح الباري 4/ 129.