وقد عقد محمود شاكر رحمه الله عزمه على نشر هذا الكتاب نشرة علمية بعد أن رأى الحاجة ماسةَ، ورغبة في التقرب إلى الله حيث قال ((فأضمرت في نفسي أن أنشر هذا الكتاب، حتى أؤدي بعض حق الله عليَّ، وأشكر به نعمة أنالها – أنا لها غير مستحق – من رب لا يؤدي عبد من عباده شكر نعمة ماضية من نعمه، إلا بنعمة منه حادثة توجب عليه أن يؤدي شكرها، هي إقداره على شكر النعمة التي سلفت، كما قال الشافعي رضي الله عنه)). (تفسير الطبري 1/ 12)
منهجه في التحقيق والنشر: 1 - تم التحقيق بالمشاركة مع شقيقه الأكبر العلامة المحدث أحمد محمد شاكر رحمه الله بحيث يقوم الشيخ أحمد شاكر بدراسة الأسانيد والحكم عليها من حيث الصناعة الحديثية، ويقوم محمود شاكر بالباقي: مقابلة النسخ، وتحقيق النص، وتخريج الأقوال والشواهد الشعرية، ووضع علامات الترقيم، وضبط النص وما يتعلق بذلك من شرح غريب ونحو ذلك.
2 - مراجعة ما في تفسير الطبري من الآثار على كتاب الدر المنثور للسيوطي وفتح القدير للشوكاني، لأنهما يكثران النقل عن الطبري.
3 - الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره لم يقتصر على نقل الآثار، بل نقل بعض كلام أبي جعفر الطبري بنصه في مواضع متفرقة، وكذلك نقل أبو حيان في البحر المحيط، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن في مواضع قليلة من تفسيرهما، فقام بمقابلة المطبوع والمخطوط من تفسير الطبري على هذه الكتب. ولكن محمود شاكر رأى أن الاستمرار على هذا النهج يطيل الكتاب على غير جدوى فبدأ منذ الجزء الثاني يغفل ذكر المراجع إلا عند الاختلاف، أو التصحيح، أو غير ذلك مما يوجب بيان المراجع.
4 - قام بمراجعة كثير مما في التفسير من الآثار، على سائر الكتب التي هي مظنة لروايتها، وبخاصة تاريخ الطبري نفسه، ومن في طبقته من أصحاب الكتب التي تروي الآثار بالأسانيد. وقد استطاع المحقق أن يحرر أكثر هذه الآثار في التفسير تحريراً حسناً مقبولاً.
5 - ما تكلم فيه الطبري من مسائل اللغة والنحو، فقد راجعه على أصوله مثل (مجاز القرآن) لأبي عبيدة، و (معاني القرآن) للفراء وغيرهما ممن يذكر أقوال أصحاب المعاني من الكوفيين والبصريين.
6 - شواهد تفسير الطبري الشعرية من أبرز ما في التفسير، وهي تزيد على ألفي شاهد (2000) شعري، وقد قام المحقق رحمه الله بتتبع شواهده في دواوين العرب، ونسب ما لم يكن منسوبا، وشرحها شرحاً جيداً، وحقق ما يحتاج إلى تحقيق من قصائدها، ملتزماً في ذلك الاقتصار حسب الاستطاعة.
7 - ظهر للمحقق رحمه الله كما قال أثناء مراجعاته أن كثيراً ممن نقل عن الطبري، ربما أخطأ في فهم مراد الطبري، فاعترض عليه، لمّا استغلق عليه بعض عبارته. فقام بتقييد بعض ما بدا له خلال التعليق، ولكنه لم يستوعب ذلك مخافة الإطالة.
8 - الطبري رحمه الله في تفسيره يكثر من ترداد مصطلحات النحاة القديمة التي استقر الاصطلاح على خلافها، فقام المحقق بتتبع هذه المصطلحات، وقام بوضع فهرس خاص بالمصطلحات النحوية في آخر كل جزء من الأجزاء التي قام بتحقيقها.
9 - كان المحقق يحب أن يبين ما انفرد به الإمام الطبري من الآراء في تأويل بعض الآيات، ويشرح ما أغفله غيره من المفسرين، ولكنه لم يفعل حيث خشي الإطالة مع أهمية هذا الأمر وفي هذا دعوة للباحثين الجادين للقيام على هذا الأمر الذي أراه من المباحث المهمة في حقل الدراسات القرآنية.
أما منهجه في وضع الفهارس فقد كان ينوي ترك الفهارس حتى نهاية التفسير، ولكنه رأى الكتاب كبيراً، وحاجة الناس إلى مراجعة بعضه على بعض، وربط أوله بآخره فآثر أن يفرد لكل جزء فهارسه الخاصة في نهايته فكانت على هذا النحو:
- فهرس للآيات التي استدل بها الطبري في غير موضعها من التفسير. فإن الطبري ربما ذكر تفسيراً للآية في هذه المواضع لم يذكره عند تفسيره لللآية في موضعها من التفسير والذي هو مظنة ذلك القول.
- فهرساً لألفاظ اللغة، لأن الطبري كثير الإحالة على ما مضى في كتابه، وليكون هذا الفهرس مرجعاً لكل اللغة التي رواها الطبري، وكثير منها مما لم يرد في المعاجم، أو جاء بيانه عن معانيها أجود من بيان أصحاب المعاجم.
- فهرس لمباحث العربية، لأن الطبري كثيراً ما يحيل على هذه المواضع، ولما فيها من النفع لقارئ التفسير.
¥