تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[رحم الله البحر الذي غاض بعد أن فاض]

ـ[فريد المرادي]ــــــــ[06 - 02 - 08, 08:57 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

’’ رحم الله البحر الذي غاض بعد أن فاض ‘‘

فجعت أمة الإسلام بوفاة معالي الشيخ العلامة المتفنن بكر بن عبد الله أبو زيد، حيث استوفى أجله عصر يوم الثلاثاء 28 محرم 1429هـ، و قد بلغ من العمر 64 عاماً، رحمه الله رحمة واسعة، و أسكنه فسيح جناته.

قال رسولنا الكريم ـ عليه الصلاة و التسليم ـ: (أعمار أمتي بين الستين و السبعين، و أقلهم من يجوز ذلك).

و شاء الله ـ جل و علا ـ أن أكون ليلة الثلاثاء ـ و قبل أن أخلد إلى النوم بقليل ـ أراجع أمرا في إحدى رسائل الشيخ القيمة، فلما قرأت من الغد خبر وفاته ـ رحمه الله ـ على شبكة الإنترنت، وجدت لفقده من الحزن و الأسف ما لا أجده لفقد قريب، و تذكرت قول أيوب السختياني ـ رحمه الله ـ: (إني أخبر بموت الرجل من أهل السنة؛ فكأني أفقد بعض أعضائي)، كيف و الرجل الذي فقدناه جبل في السنة؟!

قال الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ: (إنما الناس بشيوخهم، فإذا ذهب شيوخهم تودع من العيش).

و ليس مثلي من يتحدث عن الشيخ ـ رحمه الله ـ؛ و عن علمه و فضله و خلقه، و لكنها نفثات مصدور، و أحزان قلب مفطور، و من يكتم داءه يقتله.

و صاحبكم لم يعرف الشيخ إلا من خلال كتبه التي انتشرت في الآفاق انتشار الشمس، و كفى بها دليلا لمعرفة الرجل، و أنعم بها ميزانا للعلم و العمل، و صدق من قال: أبو الإفادة أقوى من أبي الولادة، (النظائر ص 283).

و الناظر في كتب الشيخ بكر ـ رحمه الله ـ يجدها قد جمعت إلى القوة العلمية، و الحجة الشرعية؛ بلاغة القلم، و فصاحة الأسلوب، مع تنوع في الفنون، و تبحر في العلوم، قل أن تجد مثله بين علماء عصره أو من يدانيه.

و كتبه ـ رحمه الله ـ قد حوت بديع الفوائد، و عزيز الشوارد، مع جمع للأشباه و النظائر، و ضم لعجيب الطرائف، و غريب اللطائف، و ليس الخبر كالمعاينة.

و أبرز ما تميز به الشيخ ـ رحمه الله ـ في مجال التأليف و التصنيف؛ تأنيه في طبع كتبه مهما بلغت في الإتقان غايته، و في الكمال منتهاه، فتجده يكتب الكتاب و يجعله حبيس أدراجه، و لا يسارع إلى طبعه و إخراجه، فلا يزال يمعن فيه النظر ـ مراجعة و تصحيحا ـ، و يعمل فيه القلم ـ تهذيبا و تنقيحا ـ، فلا يخرج إلى الوجود إلا و قد صار قرة عين الناظر، و مرجع الباحث و المحاضر.

قال ـ رحمه الله ـ في مقدمة (جزئه في زيارة النساء للقبور) ما نصه: ((هذا الجزء الحديثي الفقهي من أوائل ما كتبت عام 1385هـ، و قد أنست بإعداده و صياغته، ثم إنه من فضل الله ـ سبحانه ـ علي، أن الأنس به لم يدفعني إلى تقديمه للطبع، و لا تقديم غيره مما جرى إتمامه إلا بعد أن أنهيت جميع مراحل الدراسة النظامية حتى " العالمية العالية ".

و قد كان من خبر هذا الجزء أني لم أطبعه إلا بعد عشرين عاما ـ تقريبا ـ من تأليفه، و بعد المذاكرة به مع بعض أهل العلم قبل طباعته و في دور كتابته.

و هذه لفتة أدعو إليها كل طالب علم؛ أن لا يسارع إلى التأليف و النشر و هو في مراحل الطلب، و إن كتب فلا يدفعه إلى الطبع و النشر إلا بعد إتمام المراحل النظامية، و يأنس من نفسه التأهل و الرشد لنشر ما كتب، مع إعادة النظر، و تركه غُفلا، و إلحاح في سؤال الله تعالى الخيرة فيما يأتي و يذر، و إعمال المشورة و عرض ما كتبه على من يثق بدينه و علمه، و يأنس برأيه، فإنه لن يعدم خيرا. و الله ـ سبحانه ـ من وراء كل عبد و مقصوده و قصده))، (الأجزاء الحديثية ص 107 - 108).

و مما يُذكر هنا؛ أن هذا الجزء قد نشر منسوبا إلى الشيخ حماد الأنصاري ـ رحمه الله ـ، مما جعل بعض من ترجم للشيخ يعده ضمن مؤلفاته، انظر (المجموع في ترجمة المحدث حماد الأنصاري 1/ 36، 98، 183)، و ليس الأمر ـ على التحقيق ـ كذلك، فليصحح.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير