تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[رحيل فقيه العلماء ابن جبرين رحمه الله ... (من أجمع التراجم).]

ـ[المسيطير]ــــــــ[19 - 07 - 09, 02:12 ص]ـ

قال الشيخ المبارك / عبدالوهاب الزيد - وفقه الله تعالى - ... في موقعه الجديد:

جامع أهل السنة والحديث ( http://www.hdeeth.com/)

---

بسم الله الرحمن الرحيم

رحيل فقيه العلماء ابن جبرين

وفاة سماحة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمة الله تعالى عليه.

فُجعت أُمَّةُ مُحمدٍ صلى الله عليه وسلَّم بعد ظهر يوم الإثنين 20/رجب/1430 هـ بوفاة سماحة الإمام الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن ابن جبرين رحمه الله تعالى رحمة واسعة وأعلى منزلته في عليين وجعل مأواه جنات الفردوس.

وأقل حقوق شيخي علي أن أذكر شيئاً من ترجمته وسيرته المليئة بالعظات والعبر، وهي ترجمة كتبتها في حياة شيخنا ـ رحمه الله - وعرضتها عليه وصوبها بخط يده، أعرضها بنصها، ولم أضف عليها ماتجمع لدي فيما بعد، وسأضيف كل ذلك في الترجمة التي ضمنتها كتابي (المغني في تراجم وأسانبدأهل السنة والحديث) وهذه مقدمات مهمات بين يدي هذه النرجمة:

أولاً: إن وفاةَ عالمٍ ربَّانيّ من علماء أهل السُّنَّة ليس بالأمر الهيّن على المسلمين، إذ هؤلاء العلماء الربانيون هم نورُ هذه الأمَّة وطريقُ هدايتها وسبيلُ رشادها، وهم ورثةُ الأنبياء. وبوفاةِ هؤلاء العلماء تنقصُ الأرضُ من خيارها وهداتها كما فسَّر بذلك بعض أهل العلم قوله تعالى {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} [الرعد: 41].

ثانياً: سماحةُ شيخنا رحمه الله تعالى قد زكَّى علمَه الذين حواه قلبُه وعقلُه، فقد كان يعطي من العلم لطلاَّبه وعامةِ الناسِ ما لا يقوى عليه الكثير من أهل العلم ممن سبقه أو أدركه، فقد كان يدرّس في الأسبوع أكثر من أربعين درساً لطلاّب العلم في عدّة مساجد في مدينة الرياض وحدها؛ في شمالها وجنوبها وشرقها وغربها، هذا غير المحاضرات التي كان يلقيها في المساجد ولا تحصر، بل غير الكلمات الوعظيّة التي يلقيها في المحافل وغيرها. بالإضافة إلى الرحلات الدعوية السنوية التي يزور فيها كثيراً من مدن وقرى المملكة ويلقي فيها الدروس العلمية، والمحاضرات والكلمات الوعظية، وقلَّ أن تجد ناحيةً من نواحي البلاد إلاَّ وللشيخ ابن جبرين تلاميذ فيها، بل له في كثيرْ من الأقطار العربية والإسلامية تلاميذ يدينون له بالفضل في تعليمهم.

ثالثاً: حوى شيخنُا علماً كبيراً، وحفظاً غزيراً، إذا تكلَّم في مسألةٍ كأنما يَغرفُ من بَحْرٍ؛ لكثرة علمه وسعة محفوظاته، وقد كان في قوّةِ علمِه رحمةً للسُّنَّةِ وأهلها، شديداً على أهل الأهواء والبدعِ وأهلها، ناصحاً لله ولرسوله ولعامةِ المسلمين، وكان مقصداً للمستفتين من المسلمين، وكان رحمه الله إماماً فقيهاً له فتاوى مهمة في النوازل ِ كفتواه في جواز الرمي قبلَ الزوالِ، وجواز توسعة المسعى، وغيرهما من فتاواه المهمة التي يستشهد بها أهل العلم.

رابعاً: اقتضاء العِلْمِ العَمَل؛ فسماحةُ شيخنا رحمه الله تعالى عالمٌ جمع بين العلمِ والعمل، والصلاح والعبادة، وقد كانت أوقاته مليئة بالطاعات، وقلَّ أن رأينا أو رأى الناسُ مثله، وكان رحمه الله قُدوةً حسنةً مثالاً للعالمِ الصالح المُوافق قوله عمله وهذا ظاهر لكل من خالط الشيخ.

خامساً: لِينُ سماحةِ شيخنا رحمه الله تعالى للناس عانة ولطلاَّب العلم خاصة، فلم نرَ بعد سماحة الإمام شيخنا عبدالعزيز ابن باز – رحمه الله تعالى – في هذا مثله، فقد كان غايةً في التواضعِ والمباسطةِ، وقد كانت له أيادٍ بيضاء لكل من عرفه أو لجأ إليه في حاجة يحتاجها في أيّ مكانٍ وعند أيّ شخصٍ، وشفاعاتُ شيخنا لا يمكن عدّها وحصرها، وابتسامته للناسِ كلهم لا يفرّق بين رفيعٍ أو وضيعٍ ولا كبيرٍ أو صغير، وكذلك مجلسه في بيته يَغصُّ بالناسِ والمحتاجين؛ فيشفع لهذا ويعطي ذاك ويزكّي الآخر، وهكذا دأبه رحمه الله مع المحتاجين، ولشيخنا اهتمامٌ خاص بطلاَّب العلم وتحبيبهم إلى العلم.

سادساً: إمامةُ شيخنا ابن جبرين – رحمة الله عليه – ومنهجه العلمي المتميز:

سأوجز بيان ذلك من جهات سَبْع، وإلا فالمقام يحتاج لبسط وبيان يطول:

الأولى: تميّزُ شيخنا بأنه عالِمٌ يذكرك بعلماء السلف؛ لايقول أو يعمل إلا بما أدى إليه اجتهاده ونظره العلميّ، مع الورع في الفتوى، وهذا ممَّا لفت نظري منذ أن ابتدأتُ الدراسة على يديه.

الثانية: تميّزُ شيخنا بإتقانه لعلومِ الشريعةِ والآلةِ بما هو مشهودٌ له فيه من كبار أهل العِلم، بل يُعدُّ شيخنا أحدُ أركان العِلْم في هذا العصر، وإمامٌ لأهل السُّنَّةِ ومرجعٌ لأهل العِلمِ من أقرانه وطلاَّب العِلم في سائر الأقطار الإسلامية.

الثالثة: قوّّةُ شيخنا العلميّة ونظرته الأصولية بما يُراعي المصالحَ العامّة للمسلمين حيث أفتى في نوازِلَ عِلميّة بما أدى إليه اجتهاده كما سبق ذكره، وسعة فقهه ممّا أحجمَ عنه الكثيرُ من أهل العِلم.

الرابعة: التيسيرُ في الأحكام هو سبيلُ شيخنا في فتاواه ولكن بضوابط سيأتي بيانها في الفقرة التالية، وهذا أمر ظاهرٌ لمن تأملَ فقه وأحكام وفتاوى شيخنا.

الخامسة: حِرْصُ شيخنا على تقرير رأي الجمهور في المسائل العلميّة دون التقيّد بمذهبٍ معيّنٍ لايتجاوزه، وهذا إذا لم يؤدي إلى التشديد في المسألة أو يُخالفُ دليلاً مُحْكمُ الدِلالة.

السادسة: الأدبُ التربويُّ الجمُّ الذي تميَّز به شيخنا مع تلاميذه ومحبّيه، وهذا لاشكَّ أمر واضح في منهج شيخنا، وكم من شيخ قل عنده هذا الجانب التربوي المهم فذهبت بركة علمه ونفر عنه الناس.

السابعة: تميّزُ شيخنا بالحفظ للمسائل وأدلتها وأقوالِ أهلِ العِلم فيها بما يَنْدرُ وجوده في كثيرٍ من أهل العِلم اليوم، وقد بهرَ شيخنا كلَّ من رآه أوسمع كلامه، فرحمه الله ورفع مقامه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير