تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[من مقالات شيخنا العلامة محمد بن لطفي الصباغ في تراجم المعاصرين]

ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[22 - 06 - 09, 02:51 م]ـ

http://alukah.net/articles/1/5733.aspx

العلامة الدكتور محمد تقي الدين الهلالي

زار الدكتور "محمَّد تقي الدين الهلالي" دمشق سنة 1373هـ (أيلول سنة 1953م)، فذهبتُ أنا وأخي الكبير وصديقي الأثير العلاَّمة" عبدالرحمن الباني"؛ للسَّلام عليْه والتَّرحيب به، والاستِفادة من علمِه وخبرته.

وكانت هذه عادةً لي، لا أعلم أنَّ عالمًا جاء إلى بلدي إلا سارعتُ إلى زيارتِه ودعوَتِه، وقد تعرَّفت على عددٍ من الأعْلام الأجلاَّء الذين جاؤوا إلى دمشق [1]، فلمَّا جلسْنا إليْه سمِعْنا منه حديثًا نافعًا جامعًا، تناول قضايا علميَّة وتاريخيَّة، وحدَّثنا عن ألمانيا، وعن بغداد، وعن المغرب.

وكان - رحمه الله - إذا ذكر تاريخ حادثةٍ قال: وقعت سنة كذا وكذا بتاريخ النَّصارى.

ثمَّ أملى عليَّ ترجَمته بعد طلبٍ منِّي، فكنت أكتب ما يقول، وأودُّ أن أنقلَها بِحروفِها كما سمعتُها بحضور الأستاذ عبدالرحمن الباني.

قال - رحمه الله -:

"وُلدتُ في قرية في المغرب [2] اسمها "فيضه"، وحفظت القُرآن بالتَّجويد [3] على والدي وجدي، ثم بدأتُ أتعلَّم مبادئ العلوم اللغويَّة والدينيَّة"، وكان من جِلَّة مشايخي [4]: الشَّيخ "محمد سيدي بن حبيب الله"، وكان ورعًا زاهدًا، ثم سافرت إلى مدينة فاس، وهي عاصمة مراكش تجاريًّا وعلميًّا وسياسيًّا، فلقِيتُ شيوخَها، وقرأتُ عليْهِم، وأخذت الإجازة منهم.

وفي سنة 1340 هـ سافرتُ إلى مصر وأقمْتُ فيها سنةً كاملة، وحججْتُ في السَّنة التي تليها، ثُمَّ توجَّهتُ من مكَّة إلى الهند، وأقمتُ فيها خمسةَ عشرَ شهرًا بقصْد طلب عِلْم الحديث، ولقِيتُ فيها شيوخًا من بقيَّة أهل الحديث، أفضلُهم الشَّيخ عبدالرحمن المباركفوري [5] مؤلِّف "تحفة الأحْوذي في شرح جامع الترمذي" في أربعة مجلَّدات مع مقدمة في مجلَّد، وكان رجُلاً صالحًا عالمًا، زاهدًا بكَّاءً، من أوْلياء الله الصالحين.

ثم رجعتُ إلى العراق لزيارة "محمَّد أمين الشنقيطي" - هو غير صاحب أضْواء البيان محمَّد الأمين الشنقيطي - والآلوسي، فأدركتُ الأوَّل وتزوَّجتُ بابنتِه، وأقمتُ ثلاثَ سنواتٍ في العراق.

ثُمَّ دعاني أخي الشَّيخ "عبدالظاهر أبو السمح" [6] إلى الهجْرة إلى مكَّة بعد استيلاء الملك عبدالعزيز بن السعود عليْها، فسافرتُ ومررتُ على أستاذِنا "السَّيِّد محمَّد رشيد رضا" [7] بالقاهرة، فكتب هو أيضًا إلى الملك ابن السعود يقول: إنَّ الهلاليَّ من أفضلِ العلماء السلفيِّين، فأرجو أن تستفيدَ منه البلاد، فلمَّا وصلتُ الحجاز أنْزلني ابنُ السعود في الضِّيافة، وطلب مني أن أتولَّى الإمامة والخطابة في المسجِد النبوي، وأنا لا أكتفي بأقلَّ من عشر تسبيحاتٍ في السجود، فطلبوا منِّي أن أنقُص عن ذلك فامتنعْتُ، فولاَّني الملك مراقبة المدرِّسين، فبقيتُ سنتين في المدينة.

ثمَّ انتقلتُ إلى مكَّة، ودرَّست مع أخينا الشَّيخ "محمَّد بهجة البيْطار" [8] في المعهد السعودي.

ثم وقعت وشايةٌ إلى ابنِ السعود اضطرَّتْني إلى أنْ أُبارح البلادَ، مع أنِّي لم أُعزل ولم أُطرد، ولكنِّي فضَّلت صفاء الجوِّ.

ثمَّ سافرتُ إلى الهند بدعوة من "السيِّد سليمان الندْوي" [9]، وصرت أستاذ العربية في "ندوة العلماء"، وهي كلِّيَّة إسلاميَّة جامعة لشتَّى العلوم العصريَّة واللغويَّة والدينيَّة، وأقمتُ فيها قريبًا من أرْبع سنوات، ولشدَّة الحمَّى التي أصابتْني هناك بارحت الهند، وأقمتُ في العراق سنتين ونصفًا.

ثمَّ توجَّهتُ إلى أوروبَّا، وصرتُ مدرِّسًا للُّغة العربيَّة في جامعة "بون" - من مدن ألمانيا - وكنتُ في الوقت نفسِه أتعلَّم اللُّغة الألمانيَّة حتَّى أتقنتُها، وحصلتُ على دبلوم فيها، ثمَّ دخلتُ طالبًا في الجامعة مع بقائي مدرِّسًا، وكان سفري إلى أوروبَّا في سنة 1936م (أي: حوالي 1355هـ).

وفي سنة 1939م انتقلتُ إلى برلين، وتولَّيت منصب المرجع اللغوي للعربيَّة في الإذاعة الألمانيَّة في برلين مع بقائي طالبًا، ولم أجِدْ وقتًا للتَّدريس، وفي السَّادس عشر من مايو [أيار] سنة 1940م دخلتُ الامتِحان في الجامعة ونَجحتُ نجاحًا طيِّبًا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير