تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ترجمة الشيخ المهدي بوعبدلي رحمه الله مؤرخ الجزائر بقلم شيخنا الدكتور يحيى بوعزيز رحمه الله]

ـ[الباشا الجزائري]ــــــــ[30 - 08 - 09, 09:21 م]ـ

الشيْخ المهْدِيّ البوعَبْدلِّي

العالم والباحث

بقلم شيخنا الأستاذ الدكتور

يحي بوعزيز رحمه الله

1) مَنْ هو الشيخ المهدي البوعبدلي؟:

الشيخ المهدي البوعبدلي، هو ابن الشيخ بوعبدالله بن عبد القادر، المنحدر مِنْ أسرة عبدالله المغوفل بالشلف، والذي من ضمن أحفاد الإخوة السبعة الذين لازموا الحرب، وواصلوا الجهاد مع الأمير عبد القادر بعد أن تخلَّى عنه عرشهم بالشلف، بسبب حادث مقتل (العربي) المتَّهم بالخيانة والتعامل مع الأعداء.

وقد استوطنوا بالمنطقة الممتدَّة بين (الرَّمْشي) و (الغَزَوات)، واحتضنوا الأمير عبد القادر وناصروه طِوال أربع سنوات، إلى أن أُرغِمَ على الاستسلام، واضطرُّوا بعد ذلك أنْ يبقَوْا حيث هم بالمنطقة، لأنَّ قومهم بالشلف رفضوا قبول عودتهم.

ووُلِد السيد عبد القادر ()، والد الشيخ بوعبدالله، وجدُّ الشيخ المهدي، في (سيدي سفيان)، بـ: (بني خلاَّد)، قرب (هنين)، ومنطقة (ندرومة) عام 1868م، وحفظ جزءًا من القرآن الكريم على والده الشيخ عبد القادر بمسقط الرأس، ثمَّ شدَّ الرِّحال صغيرًا إلى مدينة (فاس)، للالتحاق بمعهد (جامع القرويين)، وفي الطريق اعترضه اللصوص بكبدانة [كذا]، وانتزعوا منه كلَّ ما كان معه من النُّقود والأمتعة، وعرَّوْه حتى مِنْ ألبسته، وتركوه عريانًا، فمرَّ عليه بعض النَّاس وستروه ببعض الألبسة، واقتادوه إلى قاضي المنطقة، السيد (مغنوج)، فشرح له كيف تعرَّض للسرقة والسَّطْوِ مِنْ طرف اللصوص، فعرفهم [بالوصف]، وبعث في الحال في طلبهم، واستعاد منهم ألبسته وأمتعته، ووجَّهه إلى (باشاغا) بلدة (تسولة)، فسأله عن وجهته، فقال له إنه في طريقه إلى (القرويين) بِفاس للدِّراسة، فقال له (الباشاغا): «إنَّك ما تزال صغيرًا»، وأبقاه عنده (أربع سنوات) كاملة، وكلَّف مَنْ يعلِّمه ويُلقِّنه العلوم العربية والدينية واللغوِيَّة، وأتمَّ عنده حفظ القرآن الكريم وتجويده وترتيله، وبعد ذلك وجَّهه إلى قاضي تلمسان الشيخ (أبي بكر شعيب بن علي)، الذي درَّسه علومًا كثيرة، فانتفع بعلومه ومعارفه، وتضلَّع في العربية، وألَّف قصيدة (المقصورة في علم الفرائض والتَّرِكات)، وسلَّمها لشيخه ليطَّلِع عليها، ويُعطِيَ رأيه فيها، فأُعجِبَ بها، وأجابه شِعرًا يُثني عليه ويُطريه، وطلب منه أنْ يشرحها نثْرًا، حتى يتمكَّنَ الناس مِنْ فهمها، وقال له: «إنَّ قومك ليس فيهم مَنْ يقدِرُ على فهمها، فضلاً عنْ شرحها»، ومطلعها:

لك الحمد ربي وارث الأرض والسماء على كلِّ ما أوْلَيْتَ عبدَك مِنْ آلاء

ومِن تلمسان انتقل الشيخ بو عبد الله إلى (المنَاصْرة)، بالغرَّابة في (سيراط)، بين (بطيوة) و (سيق)، وشارك هناك لتعليم وتحفيظ القرآن الكريم، حتى يجمع مبلغًا من المال لِيُسافِرَ إلى مصر، لإتمام دراسته في (الأزهر الشريف)، فزوَّجه القوم هناك بامرأة منهم، وأسَّس عندهم معهدًا لِتعليم القرآن الكريم، والعلوم العربية والدينية واللغويَّة، واتَّصلَ بالشيخ (سيدي قدُّور بن سليمان) بمستغانم، وأخذ عنه الوِردَ والطريقة الدِّينية الصوفية وتخشَّع.

وعندما تجمَّعَ لديه نصيبٌ من المال، ذهب إلى شيخه بمستغانم وقدَّم له مبلغ أربعين (دورو) كـ: (زيارة)، وطلب منه دعوة الخير، واستأذنه في السفر إلى مصر للدِّراسة في الجامع (الأزهر)، فقال له: «عند الصباح يفتح الله»، وفي الصباح أعاد له نقودَه، وأضاف له عليها مبلغًا آخر مثله، وقال له: «عُدْ إلى أهلك، وتصدَّر هناك للتعليم والتدريس، فَبِلادُك بِحَاجَةٍ إليك، وكلُّ علوم الأزهر عندك»، فامتثل أمره، مِثلما امتثل ابن باديس لشيخه بالمدينة المنورة عندما أراد البقاء هناك، فطلب منه العودة إلى الجزائر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير